أنت هنا

$3.99
ساق الريح

ساق الريح

المؤلف:

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2014
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " ساق الريح "، تأليف ليلى مهيدرة ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

بسبق الإصرار والترصد أقرر فتح الرسالة دون أدنى إحساس بتأنيب الضمير، فالرسالة قادمة من مجهول وموجهة لامرأة غيري، ومع ذلك اقتحمت خلوة حروفها بشغفٍ كبير وبانتظار أقل ما يقال عنه أنه شوق متخفّ في زي حب استطلاع، فهي ليست الرسالة الأولى التي تقتحم بريدي، فقد سبقتها أخريات، وبما أنني القاطنة في الطابق الأرضي، فأنا أول من تتوصل بالرسائل البريدية، ونظراً لكون العمارة السكنية شبه فارغة إلا من رجل عجوز أجنبي، وأسرة حديثة العهد بالزواج والإقامة، وأن باقي الشقق لم تعمر قط، فالبريد صار يوزع بشكل آلي، أَختار منه ما يخصني وأضع الباقي على عتبة السلم ليتسلمه الباقون، كنوع من التواصل غير المرئي وغير المباشر بين أناس جمعت بينهم وحدة المكان فقط لا غير.

في المرة الأولى بقيت الرسالة اليتيمة على السلم ليومين لأجدها في اليوم الثالث تحت عتبة بابي، ولا أدري أي يد تجرأت لتورطني بها؛ ربما لأني السيدة الوحيدة هنا، رغم أن الاسم كان مختلفاً تماماً.. أخذتها وقلبتها كثيراً، وربما تركتها على طاولتي لأيام وأنا متوجسة من فضها، رغم أن رائحتها وشكلها كثيراً ما كانا يغرياني؛ فهي تختلف جذرياً عن الرسائل البيضاء المستطيلة والشبه آلية التي تنبئني بتأخري عن دفع فاتورة ما أو بحساب متوقع لرصيدي البنكي، لكن لا أدري: متى وكيف وجدتُني أحملها بين يديّ وأقرأ حروفها المتسلسلة ربما لأبحث فيها عن دليل للجهة الموجهة إليها أو القادمة منها، لكنني لم أجد إلا كلمات يائسة لشخص يبحث عن ليلاه، ويستجديها للعودة ويعترف لها بما كان يتردد دوماً في البوح به.

حياتي شبه الجافة جعلتني أنـسى الرسالة أو ربما أتناساها، لكن وصول رسائل أخرى ورطني فيها، وكل واحدة تجعلني أجد مبرراً لفتحها عدا هذه الرابعة، فلا مبرر لي غير إدماني عليها وإحساسي بأني صرت عنـصراً فعالاً في قصة لا أعرف أصحابها، وربما شاهدة إثبات على وقعة الحب هذه واغتراب الطرفين عن بعضهما البعض؛ فالحروف حتى الآن ما زالت حبراً على ورق دون موعد على أرض الواقع، أو عنوان يشهد على أصحابه، ومع ذلك منحتني فرصة أكبر للتخيل والتوقع، والأهم أنها حررتني من حياة رتيبة أعيشها، وجعلت الأنثى بداخلي تنتفض وتعود لتتودد لمرآتها وتجدد علاقتها بأشياء تناستها منذ زمن، لأجدني في لحظة ما متشوقة لمقابلة المرأة التي تتغنى بها الرسائل، حتى وإن قضيت ساعات طويلة في نافذتي لعلها تكون قاطنة بالجوار.