أنت هنا

قراءة كتاب حديقة الأموات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حديقة الأموات

حديقة الأموات

رواية "حديقة الأموات" الثالثة للأديب شحادة، تدور أحداثها حول رجل مسيحي يدعى فايز الحلاق، وهو في الستين من عمره، يغادر مدينته الناصرة بعد اكتشافه لخيانة زوجته وملاحقتها له بواسطة عشاقها، ليقيم في مقبرة إسلامية قديمة في مدينة القدس، يحاول أثناء وجوده في القدس

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 1
ـــ 1 ـــ
 
هل كان انتقال فايز الحلاق من مدينته – الناصرة -- هربا ً من حالة معيشية يرغب في الأبتعاد عنها ؟... أم خوفا ً من تهديدات زوجة ٍ خائنة ٍأذاقته الأمرين ؟ وما زالت تلاحقه عن طريق عشاقها , وتهديدهم المتواصل له , لدرجة الإعتداء الجسماني ؟ أم هو تغيير عالم ٍ فقد ثقته فيه , وفقد طعم الحياة وطعم السعادة ؟ إلى عالم يجد ِّد فيه حياته كلـِّيا ً , علـَّه يبتعد عن الأحلام المزعجة والكوابيس والخوف المتواصل ... ولكن كيف استطاع أن يترك مدينته العزيزة على قلبه ووجدانه ؟.. فالرمال لا تترك شواطئها , إلاّ إذا اغتصبها مقاولوا البناء ومكابس " البلوكات ".. وهوالذي ولد وعاش فيها.. حيث كان مرتبطا ً بها , كارتباط القمر بالكرة الأرضية ؟ فمهما دار ولف َّ حولها . قر ُب أو ابتعد عنها لا يستطيع الفكاك منها ... ومع ذلك استطاع فايز تركها , مع كل ِّ حبه لها , فهو بعد أن خرج من السجن , لم يعد لديه ما يخسره ..فقد خسر الزوجة والبيت وعمله وكل َّ ما كان لديه من نقود ,حتـَّى حياته .. فقد أحس أنه يعيش في فراغ ٍ ثقيل ٍ متواصل , كأن الغيوم السوداء تتراكم فوق رأسه , كتراكم الثلوج فوق جبال الألب, فتضغط على صدره وتعيق تنفسه , ورغم كل ِّ ذلك صارت طليقته تلاحقه عن طريق عشاقها .. اينما توجه وكيفما توجه , يراهم أمامه وخلفه , وكأنهم شياطين استدعتهم خصـِّيصاً ليلاحقوه و يعتدوا عليه بالضرب ...و بالضرب الموجع والمؤذي , ماذا تريد منه هذه المرأة .. أن يـُقتـَل ؟ .. أن يموت ؟ ..هل تريد أن ترتاح منه ؟ . حتى لا يعود يذكـِّرها بخيانتها؟ . أم تريد أن تنتقم ..لأنه كشفها وفضحها في المدينة كلـّها ؟ .. أم هي تحاول أن يعيش في خوف ٍ دائم ؟ أن يحيا بلا حياة ؟ وكيف يحيا بلا حياة ؟ بلا إحساس بلا شعور ٍ بإنسانيته ؟ إنه كهر ٍ تلاحقه الكلاب المسعورة .. كل ُّ ليلة ينام في مكان مختلف , في بيتهم القديم , في ركن معتم ٍ من بناء غير مكتمل , في باحة مسجد أو كنيسة , ومرة ينام عند أحد معارفه القدامى .. ولكن إلى متى ؟ حتـَّى عندما لاحقه جارهم أبو سليم , , لم يكن خوفه بهذا الحجم , كان يرافق أباه أو أحد أصدقائه , فيشعر بالأمان , وكان ينام في بيتهم وبأمان أيضا ً .. مع أن جارهم كان عنده إمكانيات وقدرات أكثر منها .. هي ممرضة , عملها مواساة المرضى وتمريضهم والتخفيف من آلامهم , , فكيف تنقلب إلى ذئبة ٍ متوحشة ٍ في معاملتها وتصرفها معه ؟ لم يعد يستطيع العيش هكذا و ولن يسمح لها بمسخه جرذا ً يتنقل من جحر لجحر , خوفا ً من زبانيتها , وهو لا يملك سوى هذا العمر الذي يشعر أن لديه رغبة ً لمواصلته بحرية وسعادة , حتى يقر ِّر الله أن يسترده ..ولديه ذكرياته التي هي مكسبه الوحيد في هذه الحياة , والتي لا يستطيع أحد ٌ سلبه إياها , ستبقى معه وترافقه إلى القبر ... لذلك لملم ذكرياته قبل أن تنبت حولها الأعشاب البرية , وتعربش عليها وتخنقها .. ولملم أيضا ً ما تبقى معه من نقود ٍ وبعض ملابس ,وأخذها معه وسافر إلى مدينة يافا , لكنه لم يستطع العيش هناك .. فتركها وسافر إلى القدس , حيث قر َّر أن يعيش هناك .. فهل سيرتاح في مدينة القدس ؟ أم سيبقى كالتائه في صحراء ٍ لا نهاية لها .... أم يعود ويصطدم بهذه الدنيا مرة ً أخرى , فإما أن تفجـِّره كما النيازك فيتطاير في آلاف الشظايا أو يصمد ويتابع طريقه....

الصفحات