أنت هنا

قراءة كتاب ليل علي بابا الحزين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليل علي بابا الحزين

ليل علي بابا الحزين

رواية عبد الخالق الركابي "ليل علي بابا الحزين"، تنطلق بأحداثها من الاحتلال الأميركي للعراق، متخذة من معاناة بضع شخصيات موضوعا لها: فتواكب تلك الشخصيات وهي تعيش عنف ما حصل وما نتجت عنه من تداعيات توجت بتفجير سامراء الذي تسبب في حصول فتنة طائفية خسر آلاف الأب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
الخروج من المغارة
 
يوم عدت بأسرتي إلى بغداد - عقب رحلة كابوسية إلى مدينة الأسلاف انتهت باعتقالي - فوجئت بالجيران يرددون كلاماً غريباً غير قابل للتصديق مفاده أن كهرمانة، في نصبها القائم في منطقة الكرادة، توقفت، يوم التاسع من نيسان، عن سكب الزيت في جرارها؛ حيث شوهد أربعون لصاً يثبون تباعاً مغادرين تلك الجرار ليتوزعوا، تحت جنح الظلام، في شتى أحياء العاصمة!!
 
شائعة لم أقتنع بصحتها بطبيعة الحال؛ فقد عزوتها إلى شعور الجميع بافتقاد الأمن منذ احتلال البلاد: فما من مرة التقيت أحداً عند باب البيت أو قرب حانوت أبو منير إلا وبادرني بسؤال وحيد يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها لتحصين بيتي بالشكل الذي يردع اللصوص عن التفكير بالإقدام على ما لا يحمد عقباه!
 
وفوجئت، ذات يوم، بأحد الجيران ينزوي بي في جانب من الطريق ليسرّ لي باستعداده لتزويدي بقطعة سلاح!
 
قال هامساً وهو يدير عينيه حوله بنظرة متآمرة:
 
- في وسعي تزويدك بما تشاء بسعر الطماطة والخيار؛ فمعسكرات الجيش نهبت عن آخرها، وأفرغت مشاجب الأسلحة من محتوياتها·
 
وعاد يذكّرني بأعمال السلب والنهب الجارية على قدم وساق بعدما لم تعد ثمة سلطة تتحكم بالناس· وحينما وجدني لا أعير تحذيراته الاهتمام المتوقع كرر على سمعي، بكل جدية، أسطورة كهرمانة ولصوصها الأربعين ليغادرني وهو يؤكد مجدداً استعداده لتزويدي بالسلاح وقتما أشاء!
 
حينها كنت أحاول، ما وسعتني الحيلة، التأقلم مع الوضع الجديد: أصمّ السمع عن هدير السمتيات الأمريكية وهي تصول وتجول في السماء على هواها، وأغضّ الطرف عن مرأى مدرعات المارينز وهي تسابق بعضها بعضاً في شوارع بغداد المستباحة، مقنعاً نفسي بضرورة استثمار كل هذه الأمور مادة لرواية مضت عليها سنوات وهي لا تزال أسيرة أدراج مكتبي على شكل ملفات ووثائق ورسائل تتطلب الكثير من الجهد والمزاج قبل أن أفلح في تطويعها بالطريقة التي ترضيني·
 
كنت يائساً - نعم، لِمَ لا أعترف بالحقيقة؟ - فقدتُ إيماني بجدوى الكلمات؛ لا قدرة لي على إضافة كتاب آخر إلى عالم تحوّل فيه الإنسان إلى محض رقم مهمل بين مليارات الأرقام الأخرى؛ يزيده التقدم التكنولوجي عزلة وبؤساً·
 
كنت في انتظار الومضة السحرية، تلك الومضة التي تذكي حرائق الإبداع على غير توقّع دون أن يخطر لي أن ذلك لن يحصل إلا بعد مرور ثلاث سنوات وعشرة شهور وتسعة عشر يوماً على الاحتلال على وجه التحديد؛ وذلك على أثر قدوم دنيا، تلك المسيحية المحجّبة، إلى بغداد!

الصفحات