أنت هنا

قراءة كتاب مجنون ساحة الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مجنون ساحة الحرية

مجنون ساحة الحرية

"مجنون ساحة الحرية" مجموعة قصصية تتألف من 14 قصة رشحت لجائزة القصّة والرواية الأجنبية في صحيفة الإندبندت عام 2010، وجائزة مزانك أو كنوز العالمية عام 2010؛ يمثل حسن بلاسم - قاصاً وشاعراً، وكاتب سيناريو - تياراً متميزاً في الأدب العربي، ذلك أن (واقعية) بلاسم

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
عن حسن بلاسم وقصصه
 
يمثل حسن بلاسم- قاصاً وشاعراً، وكاتب سيناريو- تياراً متميزاً في الأدب العربي· ذلك أن (واقعية) بلاسم مغايرة للسائد تماماً· قد تكون شبيهة بمشرط جرّاح يقوم بحزّ الجلد، والأنسجة الحيّة، وقطع أوعية الدم· إنها واقعية الاجتياز الفظ للحياة، وحجب كل الأضواء الزائفة المسلطة على الإنسان ودراماه الرئيسية: الوجود في الزمكان·
 
منجزه (بلاسم) صار معروفاً ومقدَّراً بفضل قدراته السردية وخصوبة مخيلته الفنية· ولا يصعب إدراك مكانة قصصه كنتاج  تعامل خاص يمارسه الاثنان- القاص والسينمائي رغم أن الأول تكون أداته اللغة، والثاني الكاميرا·
 
أخذ بلاسم بأكثر من صيغة جاءت بها فتوحات الأدب الحديث من قبل جيمس جويس وبعده، مما أثرى موقعه كقاص عربي، يملك  مساره المتميز الذي  يتعامل مع فن السرد كنسيج مدمّى، بل جسد لا ينقطع عن الإعلان التراجيدي بأنه الضحية الدائمة لعبثيات الزمكان البشري·
 
وفي خلقه الكتاب ذي البيولوجية المتفجرة لا يتجنب بلاسم صدم القارئ بالحقائق العارية· واضح أن سكينه التي يشق بها دمامل الواقع العراقي وغيره تبدو ذات جمال آخر غير الذي اعتادت أجيال عربية على التعايش معه· وتذكّر قصصه بأن للجمال أكثر من تعريف واحد، وقد يأتي من أكثر من (قعر) بشري ووجودي· إنه جمال مستل من قبح وشراسة الحياة وسفالات التأريخ· وهاجس هذا الكاتب هو تجنب كل خداع للنفس والآخر· فمحن وإشكاليات الوجود، وكل هذا الظلام الذي يلف العقل حين يواجه ألغاز العالم لا يريد بلاسم تهميشها من أجل التمركز التقليدي في ممارسات الواقع المألوف· من ناحية أخرى يكون بلاسم ممثلاً نموذجياً لجيله الذي ألقوه في جبّ أشرس واقع عرفه العراق المعاصر - عراق تلك الدكتاتورية الدموية· وحين يلتصق هذا الكاتب، حسّياً، بالواقع (المباشر) لا يعني هذا إلا إعادة اكتشاف مثل هذا الواقع، لكن من خلال المسك بواقع آخر - واقع الأنا التي دخلت تلك التجارب·
 
لحسن بلاسم أكثر من رباط وثيق  بالجيل الحاضر، جيل  فتوحات الألكترونكا الانقلابية والعنيفة· ومن هنا وعيه بأن الأدب القديم فقد زخمه، ولا تصلح هويته لواقع اليوم·
 
وتبقى الكتابة عند بلاسم عملاً انفجارياً بسبب الحمى والرغبة العارمة في (تسوية الحساب) مع كل ما يشوّه الإنسان والحياة· ويستعين، هنا، بكل حوّاسه الخمس التي تمهد الطريق لمخيلة توقظها الدهشة والصدمة، عند التعامل مع واقع ملموس ضاغط بل ساحق· وتكشف قصص بلاسم عن أن (كاميراه) القصصية لا تفعل شيئاً سوى انتقاء صور وتداعيات وتيارات وعي تحدث (هنا والآن)· أكيد أن هناك عراكاً آخر يخوضه هذا الكاتب: إذا كان سارتر قد وقف طويلاً عند الشرخ القائم بين الوجود والعدم، فهناك من اكتشف شرخاً آخر- القائم  بين اللغة والواقع· وبلاسم يصارع الأولى والثاني إلا أنه يدير ظهره لشتى صنوف الرومانسية والغنائية، وتلك العاطفية التي صارت لغة راسخة في أكثر من قطاع من قطاعات الأدب العربي· أما لغة بلاسم فهي تناطح الأخرى المعجمية التي يخشى دائماً من أن تقوم بلجم ما يريد التعبير عنه في قصصه·
 
ولا يرى حسن بلاسم في مآسي بلاده فصلاً مستقلاً عن مآسي الوجود الأخرى· فالتأريخ الأحدث للعراق بأنظمته وحروبه العبثية، يمضي مع  المآسي الأخرى في المجرى ذاته لأحد أنهار هاديس الميثولوجية·
 
عدنان المبارك

الصفحات