أنت هنا

قراءة كتاب مجنون ساحة الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مجنون ساحة الحرية

مجنون ساحة الحرية

"مجنون ساحة الحرية" مجموعة قصصية تتألف من 14 قصة رشحت لجائزة القصّة والرواية الأجنبية في صحيفة الإندبندت عام 2010، وجائزة مزانك أو كنوز العالمية عام 2010؛ يمثل حسن بلاسم - قاصاً وشاعراً، وكاتب سيناريو - تياراً متميزاً في الأدب العربي، ذلك أن (واقعية) بلاسم

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
مثلاً لا ينقل الإعلام أخبار قصص الكوميديا السوداء، ومثلما لا تصلكم أخبار ما تفعله الجيوش الأوربية الديمقراطية حين تمسك ليلاً، في غابة عملاقة، مجموعة من البشر المذعورين، والمنقوعين بالمطر والجوع والبرد· شاهدت كيف ضرب جنود بلغار شاباً باكستانيا بالمسحاة حتى فقد وعيه· ثم طلبوا منا جميعاً أن ننزل في ذاك الزمهرير إلى  نهر شبه منجمد· حصل هذا قبل أن يسلمونا إلى  الجيش التركي·
 
يقول علي الأفغاني إنهم كانوا خمسة وثلاثين شاباً عراقياً· شبان حالمون اتفقوا مع مهرب تركي لنقلهم بشاحنة مغلقة لتصدير الفواكه المعلبة من اسطنبول حتى برلين· كان الاتفاق بهذه الصورة: يدفع كل واحد أربعة آلاف دولار، على رحلة أمدها سبعة أيام فقط· والشاحنة تسير في الليل، وتتوقف في النهار عند مدن حدودية صغيرة· وكل من يريد أن يتغوط عليه أن يفعل ذلك في النهار، أما التبول فمسموح به أثناء الليل داخل الشاحنة في قناني الماء الفارغة· ممنوع حمل أي هاتف خلوي أثناء الرحلة· على الجميع أن يلتزم الهدوء، وأن يكتم أنفاسه أثناء التوقف في نقطة حدودية، أو إشارة مرورية، وأن لا يحصل أبداً أي شجار· لكن ما كان يقلق مجموعة شاحنة برلين الحكاية التي نشرتها قبل أيام، الصحف التركية، حول مجموعة من الأفغان الذين دفعوا لمهرب إيراني، مبالغ كبيرة لنقلهم في شاحنة، إلى اليونان· سارت الشاحنة بهم ليلة بكاملها· وقبل بزوغ الفجر توقفت الشاحنة، وأمرهم المهرب بالنزول بهدوء، وأعلمهم أنهم قد وصلوا إلى مدينة يونانية حدودية· نزل الأفغان وهم يحضنون حقائبهم بأحاسيس هي مزيج من الفرح والخوف، وجلسوا تحت شجرة عملاقة· قال المهرب إنها غابة يونانية صغيرة، وكل ما عليهم الانتظار حتى الصباح، وحين تصل الشرطة اليونانية، عليهم أن يتقدموا فوراً بطلب اللجوء· في الصباح نشرت الصحف صورة الأفغان الجالسين في حديقة عامة وسط اسطنبول· لقد دارت بهم الشاحنة طوال الليل في شوارع اسطنبول، ولم تخرج حتى إلى  ضواحي المدينة· ومثل جميع قصص النصب والاحتيال، اختفى المهرب وشاحنته، وزُجّ الأفغان في سجن الترحيل·
 
لكن جماعة شاحنة برلين، لم يكن أمامها خيار آخر سوى المغامرة· فالخوف من حكايات النصب، يعني الشلل، وضياع الأمل، والعودة إلى بلد يخنقه الجوع والظلم· ثم إنهم اعتمدوا على سمعة المهرب الشهير· قالوا لهم إنه أفضل المهربين في تركيا كلها، وأشدهم نزاهة· و لغايتها لم يلق الفشل كما لم يخدع أحداً· إنه رجل ملتزم بدينه، وحج ثلاث مرات، لهذا كانوا يلقبونه بالحاج إبراهيم·

الصفحات