أنت هنا

قراءة كتاب بـارانويا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بـارانويا

بـارانويا

من اجواء المجموعة القصصية "بارانويا" للكاتبة القطرية نورة آل سعد؛ نقرأ:
الآن، هو في الثلاثين من عمره، في أوج قوته وفي غضارة شبابه، ومع ذلك فهو معزول إجباريا، مهمش ومحال عنوة إلى البند المركزي!

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
بـارانويا
 
(ثمة شيء نتن في دولة الدنمارك)
 
(هاملت / شكسبير)
 
تشعر وضحى بأنها تدير معركة في حياتها اليومية؛ معركة الاستمرار، معركة البقاء، معركة التشبث باتزانها وتوازنها، أقنعت نفسها بأنها تزوجت رجلاً عظيم الشأن، رجلاً لم تكن لترقى إلى مستواه الفكري والثقافي·· بيد أنه اختارها لتصبح أم بناته فقط·
 
أخفقت بعد سنوات في تذكر عظمته تلك· كان يقف بعيدا منها ويراقب، وبدا لها أنه لا يراقب شيئا بل كان يسوطها بنظراته وأحكامه حتى لو لم ينطق بها، لا تفهم ما يقوله في سفسطته المعقدة كأنما هو في جدل مع نفسه فحسب! وهي لم تزل تدير معركة الحياة الواقعية وحدها، وحدها تماما، لا يشاركها، ولا يشجعها، هي من تدير المعركة، وهو يراقبها من بعيد ويحكم عليها·
 
كانت تعاني في ذلك الوقت ضربا من الأزمة النفسية الحادة -التي أخشى أنه كان يحلو لها أن تسميها ;مأزقا وجوديا;- وبالرغم من أن ما حدث، وقد حدث بمحض المصادفة، قد مثّل لها مواجهة مع محيطها في العمل، إلا أنه كان في الواقع مواجهة مع ذاتها التي كانت تقرّعها وتجلدها في معظم الوقت، لكي تخرج عن ;الطور; الذي حُبست فيه روحها، كان ;حريا بها أن تتمرد على ما تشعر به من تحجيم وارتكاس;!
 
تبكر وضحى إلى الدوام المكتبي وتنهي ساعات عملها ملتزمة بوقت الدوام، خلافا لأكثر من حولها؛ لأنها كانت تريد أن تفقأ عيوناً متخيلة تراقبها وهي دائما محل مراقبة؛ لأنها كانت مقتنعة بأنها منذورة لمهمة أرفع من وضاعة حياة الآخرين، وكان ذلك سلوتها الوحيدة لتقبل ذاتها··· ولذلك فإن ما حدث في ظهر ذلك اليوم وما بعده، كان محتماً·· وكان اختبارا وتمحيصا ;وجوديا; بقدر ما كان بالطبع ابتلاءً قدرياً في نهاية المطاف·
 
كان يتعين عليها اختيار السلالم صعوداً ونزولاً، لأنها كانت تخشى ركوب المصعد الضيق مع أحد الفراشين أو الموظفين في ذلك العهد من الثمانينيات، حيث لم يكن هناك أكثر من أربع موظفات من الإناث في سائر أقسام الإدارة، في أدوارها الأربعة· كانت تخشى أن يتعطل المصعد وهي في داخله! فالمبنى قديم نسبيا ولا يخضع لأي صيانة دورية، ثم إن أخشى ما تخشاه وضحى هو أن تحتجز في مكان ضيق وألا يعلم عنها أحد! والسيناريو الأسوأ أن تتعرض لفضيحة مجلجلة بأن تتحول إلى موضوع لحديث الناس في الدوحة، عنوانه كالتالي - بحسب ما تخيلته - موظفة قطرية تحتجز لساعات في مصعد إدارة حكومية·

الصفحات