أنت هنا

قراءة كتاب بيعة الروح

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيعة الروح

بيعة الروح

رواية "بيعة الروح" للكاتب العُماني خليل خميس، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويقول المؤلف في مقدمتها: "كثيرة تلك الحقائق الموغلة في التاريخ، والبطولات الإنسانية الغائبة عن الأجيال المعاصرة التي زهدت في الإطلاع عليها لأسباب عديدة.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
 
بالرغم من أن في أعماق قلبه تخوفاً من أنه يجري خلف سراب، حاسبا أنه ماء، لكنه ظل يبحث دون كلل أو ملل، فالعطاش لا بد أن تشرب وترويه نهاية المطاف، ما دام البحث مستمرا، لكن في كل مرة يصطدم بصخرة كأداء كان آخرها تقدم بعض شيوخ القرى بشكاوى ضده، مدعين أنه يخرب ويحاول الاستيلاء على أراضي أجدادهم وبيوتهم القديمة، رغم أنه لم يترك أحدا إلا وأخذ الإذن والرضى منه، وأقنعه بهدفه السامي، إلا أن أحوال الناس متقلبة الأمزجة، وكل يقيس ثوبه بحسب رغبته، وكاد أن يتخلى عن مشروعه بسبب هذه المطبات، إلا أن تدخل الدكتور عاصم بواسطة شبكة معارفه الكبيرة حالت دون ذلك·
 
لقد مرت سنة بأكملها دون أن يجد جديد، وانتهى العام الأكاديمي وتفاجأ أحمد أن الدكتور منحه علامة كاملة في المادة، فكان لزاما منه أن يرد الجميل وأن لا يخيب ظنه، لكنه على فترات يصاب باليأس والقنوط، بل إن بعض أصحابه يتجنبونه لشدة شكواه من صعوبة المشروع الذي أصبح همه الدائم، والمتنقل معه حيثما حل، بل أصبح مزعجا لدرجة جنونية في طلب المساعدة منهم إلى حد السذاجة، في اليوم الثالث من عيد الفطر، وكعادة المجتمعات العربية والإسلامية عامة والعماني خاصة، تكون الزيارات والتواصل هي السمة البارزة للجميع، فأجواء العيد تكون ماثلة في كل بيت، وزينته الجميلة تتألق بوجوه الأطفال الباسمة، والضجيج الخلاق والعذب الذي ينطلق منهم ممتزجا بالعناد والصراخ، وكذلك اجتماع الشباب واندماجهم مع كبار السن يعطر الأجواء بالتراحم والمحبة، فكل ذلك له طقوس غير عادية في نفوس الناس، الذين ينتظرون هذه الأوقات بفارغ الصبر التي يتوقف عندها الزمن·
 
في المساء من ذلك اليوم أتى الجيران من كل حدب وصوب ليقضوا وقتهم وذكرياتهم لدى أبي أحمد، كما جرت العادة، مما يدق ناقوس الطوارئ في ذلك البيت لإعداد الأطباق المتنوعة، تتقدمها الحلوى العمانية المتألقة بمكسراتها اللذيذة· ازدحم المجلس بالجيران من الجيلين المسنين والشباب، واعتلت الضحكات وسيطر الكبار كعادة المجتمعات الشرقية على أحاديث السهرة، لكن الجميع كان مستمتعا، مما حدا بالشباب إلى تسليم زمام الأمور طواعية إلى كبار السن دون مواربة أو احتجاج، فجبال الذكريات الثلجية والكرات المتدحرجة منها لها وقع تفرض على الجميع الاحترام والإذعان، وكان من بين الحضور الأكبر سنا والأكثر مرحا موسى الملقب بموسى الشيخ، فهو من الطرافة واللباقة والجرأة التي قلما توجد بين أقرانه، وقد اشتهر بالشعر الشعبي الساخر الذي لم يسلم من قوافيه أحد حتى في هجاء نفسه، رغم أن ذلك الشعر فيه من الأخطاء وضعف القافية، ومما قاله في هزيمة 1967م :
 
قالوا نكسة قلت كذبة
 
ما ينتكس راس الغيور الا بقطعه

الصفحات