المقدمة 

 

الموال: بوحٌ مرتجل ،وقطفة الشعر الأولى..يحكّه الوجع ويحكيه الشوق فيورق أبياتاً وموسيقى..

الموال حداء المتعبين ، السائرين خلف قافلة صبرهم،المارين من عواصم العمر الطويل.. وهو قدحة النار التي توقظ الوهج في رأس السّراج ، وتؤنس الساهرين الطيبين..

عدما قرأت للشاعر كامل عباسي مواويله الأولى ..أسميته: ناي حوران..ففيه نقاء القصب ،وفيه جذوة الغضب..فيه بحّة القمح الحوارني العتيق ..فيه رزانة الماء في البئر العميق.. يحرك أصابعه على ثقوب الزمن الأجوف ..لتخرج مساحات حزن وفرح،فقر وكرامة ، انحياز واستقامة.. قصيرة هي تقاسيمه لكنها مبكية إلى حد الضحك..ومضحكة إلى حد البكاء.. في شطرين يوحد الوطن المشطور أصلا..وفي شطرين يكشف عورة "السرسري" و "الكمسري" و" السمكري".. في شطرين يفضح سوءة النظام..وفي شطرين ينزع ورقة التوت عن عورة الفاسد..

كامل عباسي هذا الشاعر البرّي المنحاز لحمرة وحرمة التراب العربي ..لم يؤجر نايه الذي يقطر صدقاً لـ"حفل" حكومي ، كما لم يطرب أصحاب الكراسي، ولم يُرضِ أصحاب الخطاب الدبلوماسي..فالناي الحوراني المنذور للصدق والحرية..لا يدجّن موسيقاه ولا يزوّر أنين بوحه لأحد..

موال للوطن..مجموعة شعرية شامخة على تلال الحرف كأشتال الزعتر البلدي..قصيرة لكنها حارّة..جميلة لكنها مدمعة ..مواويل رجاء ونصح وحزن وشوق للوطن العميق..ياااه كم يحتاج هذا الوطن من موالٍ حتى يستفيق؟.

 

أحمد حسن الزعبي