أنت هنا

قراءة كتاب سفر السرمدية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سفر السرمدية

سفر السرمدية

رواية "سفر السرمدية" تعد عملاً إبداعياً رائعاً، يحاول فيه الكاتب عبد الخالق الركابي تقديم نموذج عراقي للرواية ما بعد الحداثية عن طريق مزواجته بين المدى الروائي والمدى اللاروائي وهو الواقع، كما أن المحتوى يدور أو يختزل طابع الحياة العراقية الصميمة.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
والآداب والفنون ألعاب كما نوهنا ولكنّها ألعاب من نوع خاص· لأنها تحمل، على خلاف الألعاب الصرف، بصمة الموضوع· أقول بصمة، لأنّها تَفْنى بالأشكال ولهذا نسمّيها وثائق مجازية· مشكل هذه الألعاب، ألعاب الآداب والفنون، أنّها تتقاسم نشاطها مع الواقع، من جهة انحدارها منه بكونه مموّلاً لها· ومن جهة اتجاهها إليه، بكونه سياقها الثقافي الذي يحتويها، وهذا يعني أنها تحمل ذكرى مرجع (كَوَّنَ النقد الاجتماعي في الأدب مادته من النفخ في تلك الذكرى)· ولكنّ هذين القطبين: التمويل والسياق، لا يغيران من الأمر شيئاً، أي لا يغيّران من حقيقة كون الآداب والفنون ألعاباً تُمارَسُ مع القارئ، وما تحويه من كائنات ليست كائنات من لحم ودم، بل رموز موضوعة في أنساق· لعبة النسق في الآداب والفنون، أهم من ذكرى الإنسان فيها، وإنْ انحدرت منه، وإن اّتجهت إليه·
لكنّ ما يحدث في هذه الرواية، ليس هو اللعب الذي هي فيه، بل كون هذا اللعب، موضوعاً في إطار لعب آخر· وبهذا نكون بإزاء لعب * لعب· هذا اللعب المركّب يدخلنا في مجال >التّصميم< وكما هو معروف يُعَدّ التصميم السمةَ الكبرى في نتاج ما نسميه >فنون وآداب ما بعد الحداثة< والسؤال ألم تكن رواية الحداثة وما قبلها الرواية الكلاسيكية، خاضعة للتصميم؟ والجواب: بلى إنها خاضعة للتصميم، بل ما من لعب، يُسمّى لعباً، إلا وهو في تصميم ما، سواء أكان تصميماً ساذجاً أم تصميماً معقداً، لكن تصميم رواية الحداثة، يكمن في النسق أو الأنساق التي يشتمل عليها فقط، ويخضع لضروب النسق ذاته، بحيث تم دمج المؤلف بالراوي الذي أصبح يعَدُّ نشاطاً سردياً خالصاً ثم أُدْرِجَ >القارئ< بعد ذلك بكونه >فاعلاً< أساسياً في لعبة مَلء الفجوات·
أما الآن ما بعد، الحداثة، أو على نحو أدق عتبة ما بعد الحداثة، فقد أعادت ربط >الراوي< بالقارئ عن طريق >التوجيه والتحكّم<· ربما تكون هذه الآلية آلية التوجيه والتحكم، إشارةً إلى نشاط مسموع في الوعي، على حساب اللاوعي الفردي (المدرسة النفسية) واللاوعي الاجتماعي (المدرسة البنائية التكوينية) واللاوعي الجمعي (المدرسة الإسطورية) والكليات العميقة (المدرسة البنيوية)، لكن هذه الإشارة إشارة النشاط المسموع في الوعي، لا تتجه إلى سيطرة الوعي الانعكاسي (الواقعية) بل، على الضد من ذلك، يعمل هذا النشاط لصالح وعي متنقل لا مركز له، لأن آلية التوجيه والتحكم تتنقل على وفق ما تفرضه وتقتضيه اللعبة، لا على ما يرغب فيه مَنْ يمسك بعصا التوجيه والتحكّم· وهكذا تتعدّى رواية ما بعد الحداثة شبكة إسناد الروي، إلى ما أسميه الإسناد إلى الموجِّه - بكسر الجيم - والموجَّه - بفتحها · موجِّه يحتاج إلى لاعب يوجهه ويتحكم به، وهو منفّذ تعليمات اللعبة، ويمتلك هذان الضميران، ضميرا المخاطِب والمخاطَب خاصيّة التحويل، ليندمجا من ثم بشبكة إسناد الروي، المعمول بها في الرواية· وتوضح الخطاطة الآتية هذا المسار في رواية (سفر السرمدية):

الصفحات