أنت هنا

قراءة كتاب أصل الهوى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أصل الهوى

أصل الهوى

رواية "أصل الهوى"؛ قالت له، بعدما اغتسلت وارتدت ملابسها بسرعة، إنها سترجع إلى طليقها، فهذا أفضل لها ولطلفها. سيغادران إلى عمّـان قبل الحرب ومنها إلى الولايات المتحدة، فطليقها يحمل الجنسية الأمريكية.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
(1)
 
كمال القاضي
 
(65 عامًا)
 
في الصالون جلسا معًا· فصلته عنها كنبة ضخمة تتّسع لفراغ كبير· من بين أغلفة الأفلام الكثيرة ذات الوجوه المفرطة في الإيحاء أرسل نظرة إليها· تجنّبتْ الاصطدام بنظرته· تظاهرتْ بأنها تتأمّل لوحة رخيصة لطبق فاكهة صامتةفي إناء بهت لونه على الجدار· والشيء بالشيء يُذكر، فالجدار مزدحم بأشياء تبدو فردية جدًا لا يمكن أن توجد إلاّ في بيت بعينه، وفي الوقت عينه قد توجد في أي بيت· فهناك السجادة القديمة إياها بالإهاب الذائب المصفرّ، التي تُوحي بالعتق العزيز، عليها كما قد تشي النظرة الأولى رسم لخيول، وربما من نظرة متفحّصة أكثر رسم لنمور في غابة هجرتها الخضرة بعدما تآكل نسيج خيوطها أو اتّسخ، بفعل الوقت وتحوّلات الأشياء، أو لعلّ عليها رسم طيور، أو يمكن رسم ورود، أو أيّ رسم آخر لا يمكن لأحد أن يستذكره أو يتملّى فيه، حتى أهل البيت أنفسهم· بالطبع هناك الشهادة الجامعية للابن الأكبر، يسندها إطار خشبي عريض بزخارف مرهقة، ولا بأس من مسبحة زرقاء تتدلّى من حافة الإطار، وإلى جوار الشهادة، ولمزيد من درء العين الثاقبة، لوحة من الفضة لعين ببؤبؤ من حجر الفيروز المُترب· على الجدار المقابل، ثمة ملصق لكوخ اسكندينافي، مجتزأ من رزنامة العام الفائت، يستلقي على كتف جبل شاهق، معلّق في فضاء أخضر تلامس مدخنته ضفاف السماء· تمتدّ على عرض الجدار الثالث نافذة تطلّ على الشارع الخلفي للعمارة، تظلّ مغلقة طوال الوقت كي لا تحمل رائحة أبخرة حاويات القمامة، التي تَثقُل كثيرًا مع لهيب الصيف· افترشتْ مساحة كبيرة من الجدار الرابع خريطة لكامل فلسطين، مثبتة في برواز بلاستيكي، محدّدة عليها أسماء القرى والبلدات كافة·
الصالون صغير· ومع ذلك، هو صالون وغرفة استقبال وغرفة طعام وغرفة معيشة، ويمكن أن يكون للقيلولة حين يتمدّد في الظهيرة على الكنبة الطويلة أمام نشرة أخبار قناة الجزيرة· إلى جانب طاولة المكتب المحشورة في زاوية الغرفة، حيث جهاز الكمبيوتر والطابعة، بالإمكان في أحيان كثيرة استغلال جزء من طاولة الطعام ذات الكراسي الستّ كطاولة مكتب يضع عليها أكداسًا من الأوراق التي يجلبها من عمله لـيعملعليها ليلاً، أو مجموعة من مقالات يقصّها من الصحف المؤجّلة قراءتها منذ أسابيع، وبعضها متُراكم منذ شهور، أو تلك التي يطبعها من مواقع الصحف العربية والإنجليزية الإلكترونية في الانترنت، ثم يمضي الليل بطيئًا، يطول بدل أن يقصر، ويأتي على كل رغبة وكل غاية، لينقضي دون أن يعمل على أوراق العمل أو يقرأ أيًا من المقالات المؤجلة· وحين تعلو الأكداس، يتخلّص بعد وقت من تلك التي في القاع· هي أوراق مهمة· يحاول أن يشرح دومًا لزوجته ختام التي تشكو من أن الصالون لا ينقصه كركبة· وطبعًا هناك تلك اللازمة: البيت ضيق والحمار رفّاس·ولا يحتاج إلى كبير ذكاء ليدرك أنه هو الحمار؛ فأبناؤه يرفسون في غُربة أخرى غير غربته·

الصفحات