أنت هنا

قراءة كتاب رؤوس الحرية المكيسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤوس الحرية المكيسة

رؤوس الحرية المكيسة

رواية "رؤوس الحرية المكيّسة" للكاتب العراقي جاسم الرصيف، تتألق بحفر قيمة اللحظة الفاصلة، بين المواطنة الصحيحة للإنسان في بلد حر، والمواطنة المسلوبة في بلد محتل، ليضع على ف أدب المقاومة العربية نجمة إبداع كبيرة مستهلها الإهداء إلى من رفضوا وظيفة مسامير أحذية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
الثالولة
 
في مقهى (أخو عرنه)، المجاور لهيكل (سيد فولاذ)، إنقسم الزبائن الى فرق، رأت إحدها، وأكثرها من المطلوبين للحكومة، أن وجود (الرشاشة الرباعية لمقاومة الطائرات)، التي نصبها الجيش قبل اربعة أيام على البر الغربي (للثالولة)، سيعرض المنطقة كلها للخطر، لأن ألأمريكان سيقصفونها حالما تبدأ الحرب، حتى لو لم تطلق النار على طائراتهم، وبدلالة ماجرى بعد حرب الكويت، وما تلاها تحت حجة حماية ألأكراد شمال خط (36)، فيما رأت فرقة اخرى أنها من ضرورات الحرب على اية حال وايا جاءت النتائج، وحافظ فريق ثالث على حياديته بالصمت وعدم التدخل في امور (سياسية!!)·
 
وعندما اطلق (ملاّ حمادي) آذان العشاء، إنطفأت القوة الكهربائية في حي (الزنجيلي) فتحول (وادي الحرامية) الى خط أسود يتعرج نحو الجنوب، أشد قتامة من البرية الغارقة بفضة أوائل الليل·
 
سخر أحدهم: نالهم (الملاّ) بسوء حظه!!·
 
وتناول احد المطلوبين بندقيته، وأطلق رصاصة (مذنّبة) من فوق قصر (الشيخ بعيو)، خطّت لنفسها ذنبا متوهجا طويلا لثوان ثم ذابت في الفضاء المعتم·
 
-:سيعود ألآن الى مربطه، هذا المسكين!!·
 
قال شاب، هرب من الجندية منذ ثلاث سنوات، بشئ من الغضب، إذ ماعد قادرا على دفع نفقات السفر من والى فوجه، ولم يعلق أحد على ملاحظته سياسية النكهة·
 
تنحنح رجل عجوز ثم نهض قائلا بصوت مسموع: (إن بعض الظن إثم)!!·
 
وبدا ان لارابط بين كلامه وبين مايجري، ثم غادر المقهى معتمدا على ذاكرته وعصاه للتعرف على الزقاق المؤدي الى بيته· وغادر المطلوبون بعده نحو البر الغربي·
 
-: عواليس!! تهضم معداتهم حتى ال···!!·
 
قال (أخو عرنه) بعد ان ابتعد هؤلاء، وزم شفتيه إمتعاضا عندما سقطت نظراته على البندقية التي سلمها له (الشيخ بعيو) مع خمس طلقات· ثم نظر نحو السماء وهو يتنهد، فلم ير غير الغيوم وبضعة نجوم تتلاصف على نفسها، آمنة، بعيدة، فدعا الله أن يمنع الحرب، وكرر دعاءه بصوت أعلى وهو ينظف اقداح الشاي، قبيل منتصف الليل، إستعدادا لغلق المقهى·
 
ولكنه نسي أفكاره عندما سمع صرخات: مات!! إنه ميت!!·
 
وركض مع آخر الزبائن نحو الزقاق الذي تجمع فيه عدد من الرجال والنساء حول جثة الرجل العجوز شبه الاعمى الذي غادر بعد آذان العشاء· كان مسجى على ألأرض القذرة، وميتا حقا، وذووه ذهبوا لإستعارة عربة (العضباء) الخشبية لنقله، فعاد (أخو عرنه) الى مقهاه، ولكنه فوجئ بإختفاء بندقيته (الحكومية)· بحث عنها كالمجنون وهو يردد مرعوبا متوسلا كل من يلاقيه: سيعدمونني!! بندقية الحكومة سرقوها مني!! ارحموني!! البندقية للحكومة!!·
 
وعندما يئس من العثور عليها، راح يردد غاضبا: علسوني!! أنا صاحب اطفال ياناس!! والله لانستحق رحمة الله!! يعرفون انها للحكومة!! سيعدمونني!! في الحرب!! في الحرب تسرق بندقيتي!! حسبي الله!! حسبي الله!!·

الصفحات