أنت هنا

قراءة كتاب رؤوس الحرية المكيسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤوس الحرية المكيسة

رؤوس الحرية المكيسة

رواية "رؤوس الحرية المكيّسة" للكاتب العراقي جاسم الرصيف، تتألق بحفر قيمة اللحظة الفاصلة، بين المواطنة الصحيحة للإنسان في بلد حر، والمواطنة المسلوبة في بلد محتل، ليضع على ف أدب المقاومة العربية نجمة إبداع كبيرة مستهلها الإهداء إلى من رفضوا وظيفة مسامير أحذية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
كاشان
 
زارت (البرشة) في منزلها (لأداء الواجب)، الذي لايخلو من إرضاء فضول شخصي لمعرفة تفاصيل (المصيبة!!)، وعرضت، كما ألآخرين، إستعدادها لمساعدة العائلة المنكوبة (بكبيرها) الذي أخذته الحكومة لمدة (خمس دقائق!!) ولم يعد حتى اليوم·
 
-: ميلي وأنا السند يا أختي!!·
 
قالت (للبرشة) الموجوعة، قميئة الجسد، شاحبة الوجه، على ضوء الفانوس النفطي الذي نسيت أن تنظف زجاجته فراح يلقي أضواء مبتورة على جدران الغرفة الطينية ومحتوياتها القليلة الرثة، التي لاتتناسب مع ضخامة (دليو) وأولاده البدينين الثلاثة الساكتين على بلواهم رغم شهرتهم في السخرية من كل مايجري·
 
ومرت فترة من الصمت الكئيب قطعها (ألأحيمر)، أكبر أولاد (دليو) وهو يقول (لكاشان) ضاحكا: أنت ذكية ياخالتي!! تقولين هذا الكلام لأمي، وهي مثل صوصي دجاج منقوع، ضربه الحصار، ولاتقولينه لي!!·
 
وأشار نحو كرشه الضخم ضاحكا مع أخويه فقالت له (كاشان) مجاملة: حتى أنت، تعال وأنا السند!!· ولكنها إنتبهت، ولأول مرة منذ زمن بعيد، الى أن هذا قد (كبر!!)، وصار شابا تجاوز سن الخدمة العسكرية، ولا بد أنه هارب منها ألآن، بوجهه ألأحمر الوسيم وعينيه السوداوين الواسعتين وشفتيه (الشهيتين)، فتوقفت عن رغبتها في ألإستمرار في مجاملته كي لايظنها إمرأة متوحدة رخيصة، كما تتخيل بقية الرجال عنها·
 
كررت عرضها السخي على (البرشة)، وهي تنهض مستأذنة للمغادرة: أن تقترض ماتشاء من الدكان (حتى يفرجها الله!!)، فتمتمت هذه لها بدعاءات وكلمات شكر كثيرة، فيما أطلق (ألأحيمر) ضحكة في غير محلها فسر نكهة الحماقة فيها: أتخيل نفسي (مائلا) عليك ياخالتي وأنت تستغيثين من أجل نفس واحد!!·
 
فضحكت (كاشان) ولكمته على كرشه بلطف، وبجرأة لم يتوقعها هذا من أية إمرأة في (الثالولة)، التي تتناقل أخبار مثل هذه اللكمة على أجنحة خيالات شتى، لذا إبتلع لعابه وهو يكاد يتنفس على إشارة عدها (واعدة!!) من أجمل إمرأة في الحي، حافظت على نظارة فتاة في الخامسة والعشرين، وهي بعمر أمه وربما أكبر!! فيما كانت هذه تنظر نحوه مندهشة من غفلتها عن البلوغ السريع للأطفال في الحي·
 
وعندما منحت نفسها (للبدراني)، كما تعودت منذ سنين، في ساعة متأخرة من الليل، تخيلت (ألأحيمر) وهو يجن على جسدها البض، فشعرت بنكهة أخرى (للحب) زادت من حيويتها تحت هذا، حتى فوجئا بطرقات خافتة على الباب الخارجي، فأسرع (البدراني) على غير عادته حتى إنقلب عنها وهو يلهث، عندئذ إرتدت ملابسها على عجل، وسارعت نحو الباب وهي تصيح مستغربة من وقت الزيارة المتأخر: أي! أي!! جئت، جئت!!·
 
فتحت الباب، وهي تلهث، فواجهها رجل ملثم يحمل على كتفه بندقية وبيده بندقية أخرى، قال لها دون مقدمات: عندي بندقية للبيع!!·
 
ألقت نظرة أخرى على البندقيتين، ثم طلبت منه أن ينتظر، وعندما عادت بعد قليل وبيدها رزمة من النقود أعطاها الرجل البندقية، وراح يعد النقود على عجل حتى صاح مستغربا: خمسون الف؟! ثمنها نصف مليون!!·
 
ــ أعد لي النقود وخذ بندقيتك إذن!!·
 
قالت له بهدوء وحزم، وهي تشعر بعينيه تطلقان نحوها نظرة حاقدة أدخلت بعض الخوف الى نفسها، وفكرت أن تعيد له بندقيته وتستعيد نقودها، ولكن هذا مضى في الزقاق، ثم توقف بعد خطوتين وقال لها قبل أن تغلق الباب: ياقحبة!! ياعالوسة!!·

الصفحات