أنت هنا

قراءة كتاب رؤوس الحرية المكيسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤوس الحرية المكيسة

رؤوس الحرية المكيسة

رواية "رؤوس الحرية المكيّسة" للكاتب العراقي جاسم الرصيف، تتألق بحفر قيمة اللحظة الفاصلة، بين المواطنة الصحيحة للإنسان في بلد حر، والمواطنة المسلوبة في بلد محتل، ليضع على ف أدب المقاومة العربية نجمة إبداع كبيرة مستهلها الإهداء إلى من رفضوا وظيفة مسامير أحذية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
زمن
 
أيقظه صراخ طائرة مرت على إرتفاع منخفض، ثم دوي عدة إنفجارات في مكان ما من المدينة· كانت الساعة قد تعدت العاشرة صباحا كما قدر، إذ لم يكن يمتلك ساعة·
 
بدأت الحرب إذن!!·
 
فكر وهو يرى معظم رفاقه في الخندق صاحين، ربما منذ فترة طويلة، وهم يتحدثون عن قصف بغداد منذ الفجر، والهجوم الذي سبدأ من ألأراضي الكويتية، بعد أن رفضت تركيا الهجوم عبر أراضيها· وكانت المذياعات تتناقل أخبار القصف الصاروخي بعيد المدى الذي يجري عبر كل الجهات المحيطة بالعراق·
 
ــ أين العرب؟!·
 
تساءل مقاتل بصوت عال·
 
أجاب آخر: باعونا!! باعونا، فأنساهم!!·
 
أبعد (زمن) البطانية عن صدره وكتفيه· تأكد من وجود بندقيته، وهو يرى (ملاّ حمادي) يعود راكضا مع بندقيته من (الثالولة)، فيما مرت طائرات أمريكية أخرى خلفت وراءها مزيدا من ألإنفجارات وأشجار الدخان المتنامية في فضاء امدينة· وتمتم (ملاّ حمادي) كلمات، غير مفهومة غاضبة تشبه الاعتذارات، في غير أوانها، وظلت عيون الجميع عالقة بجهات السماء ألأربع تنتظر غارة أخرى·
 
ــ كنت مع (ألأرنبة) يا (ملاّ) فباغتتنا طائرات الاعداء!! لاتنكر!! اذا حبلت بولد سمه (خندق)!!·
 
مازحه مقاتل·
 
عقب آخر ضاحكا: واذا كانت بنتا فسمّها (ثالثة)!!·
 
وضحك الجميع حتى (الملاّ)، الذي اقسم لهم انه ذهب لارسال أكبر الاولاد الى (سوق الخضار)، وشعر (زمن) بالخجل من خوفه عندما لم ير خوفا على وجوه الرجال·
 
بدأت الحرب إذن!!·
 
لأول مرة يعيش (زمن) حربا ويعيها، ولأول مرة يحمل سلاحا حقيقيا بين يديه، وإن مازال لايعرف كيف يطلق النار، ولا سأل أحدا أن يعلمه·وعندما فكر أنه قد يواجه الجنود ألأمريكان والبريطانيين قرر أن يسأل (الملا) ليعلمه كيف يطلق النار·
 
لم تطلق الرشاشة الرباعية لمقاومة الطائرات أية طلقة· كانت تدور منذ الصباح حول نفسها بحثا عن هدف، بحركة باعثة على الملل، فيما المدينة التي آوت (أربعين من ألأنبياء) تتلقى قصفا مستمرا وتنزف أشجارا من الدخان والنيران نحو السماء الواسعة· ولم يتذكر (زمن) طعام الفطور حتى رأى (العضباء) قادمة مع إمرأة أخرى من جانب (برج الثالولة)، الذي إقترح مقاتل، وهو يسخر، هدمه كيلا تظنه أمريكا موقعا (لأسلحة التدمير الشامل) فأضحك الكثيرين·
 
نفض (زمن) الغبار العالق ببطانيته كي لاتعنفه أمه عن إهمال أكيد، ووقف على حافة الخندق، وهو ينظر نحو الجهة الشرقية من المدينة، التي قيل أن ألأمريكان وألأكراد قادمون منها، ولكنه لم ير غير الغيوم العالية وضباب ألأفق البعيد وسحب الدخان التي غطت أجزاء كبيرة من المدينة، وإلتفت نحو (ملاّ حمادي) لعل هذا يرشده إلى ما يستطيع فعله بعد الفطور، ولكنه شعر بجسده يحلق عاليا في الفضاء، فجأة، مع إنفجار مرعب، وماعاد يسمع شيئا·

الصفحات