أنت هنا

قراءة كتاب كهوف هايدراهوداهوس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كهوف هايدراهوداهوس

كهوف هايدراهوداهوس

رواية "كهوف هايدراهوداهوس"؛ لا إسقاطات من الأساطير في نص هذه الرواية. لا إعادة صوغٍ لإنشاء أسطوري. هي ائتلاف من مكوّن السرد الحكائي والمحاروة في مسرح المأسوة القديم، تديره كائنات أسطورية من أمة السنتور، في محالة لتصويب الواقع بإعادته إلى خياله.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
لوحُ أنِسْتُوميس
 
ككل مخلوقات الهوداهوس، كانت أَنِسْتُوْمِيْسْ تحمل خنجرين، بدورها، يتدليان من حزامين تحت إبطيها· سَلَّتِ الخنجرَ الأيمن بيدها اليسرى من الغمد الذهبيِّ، ونقَرَتْ بنصله الرهيف على حجرٍ في جدار الكهف مليءٍ بالرسوم: هذا النحت يحوجُهُ ترميم أيها الهوداهوس سِيْنُو، قالت لحامل المفاتيح، تابِعِهِا، في إدارة فِيْفْلافِيْدِيْ ـ مكتبةِ أرض هايدراهوداهوس·
 
العلوم المتوارثةُ، بتمام الخصائص المُسْتَنْسَخَةِ عن شرائع الليل وشرائع النهار، كانت في عهْدَة أنستوميس، مدوَّنةً منحوتاتٍ نافرةً، أو غائرةً، على ألواح يمكن نَقْلُها، وعلى جدران الكهف ذي الجوف المتعرِّجِ، المحمولِ السقف على ثمانمائة عمودٍ أخضر، كلُّ عمود يتوسط فسحةً قوسيَّة ذات طنافس للجلوس، ومقاعد متدرِّجة العلوِّ تواجه الجدران ليتأمَّلها الزائرون·
 
تصاويرُ أشكالٍ بلا نهاية غطَّتِ الحجرَ حتى السقوف: مخلوقاتُ يابسةٍ، ومخلوقاتُ مياهٍ· مخلوقاتُ هوداهوس، بعضُها كصور أهل المكان الأبعد والأقرب، وبعضُها من فرائد الخيال ـ مجنَّحٌ، أو ذو رؤوس طيورٍ، وماعزٍ، وجواميسَ، وأفاعٍ· الكَتَبَةُ يدوِّنون الصورَ الحروفَ على أوراق النبات، ويتولى النحَّاتون نَقْلَها إلى الحجر، بإشراف أنستوميس ذات القرن الفريد النابت في جبهتها؛ أنستوميس الناجية الوحيدة من فَصيلٍ من الهوادهوس ولدوا بقرون على جباههم· لم يتكاثروا أبعد من خمسة أجيال، ثم تسلَّمتْهم حُمى القرائن: أن يجدوا لكل شيء رديفاً: الكلمات· الحركات· العناصر الأربعة· الأفلاك· الأسماء· المخلوقات· أقرُّوا أنَّ أيَ وجودٍ، لحيٍّ أو جَمادٍ، لايكتمل إلاَّ بوجودٍ آخرَ يجعله مُضَاعَفاً· منطقٌ مَّا أقربُ، في التشبيه، إلى منطق الشيء ومعناه، لكنه لم يكن على ذلك النحو الصارم· كان يذهب أبعدَ في تدبير العلائق بين الشيء ومعناه، كالعَيْنِ والفَلَكِ، مثلاً؛ أو النوم وطير الطاووس؛ أو الحرب والرَّحم· ولمَّا عَلِقتْ بعض مسائل القرائن بشباك خيالهم، فما استطاعوا استخلاصَها ـ مثل الندم، والضرورة، وقياس القياس، والحقيقة، واللون ـ استفحل في أجسادهم مَهَقٌ ينتشر تدريجاً، كلَّما غطى عضواً جفَّ ذلك العضو· سموا المَهَق الغريبَ باسم حمى القرائن بقي اسمُ العِلَّة مدوَّناً في كهوف صيادلة هايدراهودهوس، فيما جفَّت أجسادُ الفصيل ذي القرون، فنُقلوا، محنَّطِيْنَ من فِعْلِ الداءِ، إلى أُخدود تَايِيْس، لتستقرَّ هياكلُهم هناك، وقوْفاً، إلى جوار هياكل الهوداهوس المحنَّطة بفعل الريحِ الجافةِ·
 
كانت أنستوميس في عامها الثاني حين عرفتْ أنها نَجَتْ من ملاك الحمَّى البيضاء· لم يَعْلَق طحينُ الجفاف، الذي هبَّ من مضيق القَلَق، بجلدها الفضيِّ· مصادفةٌ قادتْها إلى أطراف الهاوية، وراء محيط الكهوف، حيث الركام الحجري المتكوِّم من أنقاض أعمدةٍ،وألواحٍ، هي نفايةُ الترميم، الذي يقوم عليه صُنَّاعُ الزخرف وصنَّاعُ العِمارة بين أعمدة الكهوف وجدرانها، في هايدراهوداهوس· عثرت المخلوقة الفريدة، ذات القرن الأصفر في جبهتها، على بقية من لوحٍ مهشم، يحمل صورَ مخلوقاتٍ ـ سطورٍ من كتابةٍ غامضة· عادت بالهشيم إلى أبيها المتيبِّس نصفُه ـ نصفُ الجواد· تأمل الأبُ الحروفَ الصورَ بخاصيَّة فصيله، الذي مامِنْ مخلوق في عِرْقه نسيَ، قط، شيئاً سمع به، أو رآه، أو قرأه في صحائف الحجر· كلُّ كائنٍ منهم ذاكرةٌ لايَبْلى تفصيلٌ في خزانتها، لذلك عَهَد مَجْلسُ الصِّور وهيئةُ مجازات الأَشكال إليهم أمانةَ فيفلافيذي ـ مكتبةِ أرض هايدراهوداهوس، جيلاً بعد آخر، حتى وصولِ الخلافة إلى أنستوميس الهادئةِ كظلٍّ في زاية، كما سمُّوها·
 
صهلَ الأب صهيلاً خافتاً· وضع يديه على مقبضيْ خنجريه كعادة الهوداهوس في التأمُّل: ماهذه الأشكال، ياابنتي الهادئة؟

الصفحات