أنت هنا

قراءة كتاب كهوف هايدراهوداهوس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كهوف هايدراهوداهوس

كهوف هايدراهوداهوس

رواية "كهوف هايدراهوداهوس"؛ لا إسقاطات من الأساطير في نص هذه الرواية. لا إعادة صوغٍ لإنشاء أسطوري. هي ائتلاف من مكوّن السرد الحكائي والمحاروة في مسرح المأسوة القديم، تديره كائنات أسطورية من أمة السنتور، في محالة لتصويب الواقع بإعادته إلى خياله.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
ماالموووتُ؟، عاد الأمير يسائل أنستوميس الواقفة خلف حلقةِ الجُلساء·
 
لاأعرف، أيها الهوداهوس الأمير· لكنني أُخمِّن، بخيالِ النُّقصان، أنه خرابُ اللون قالت أنستوميس، ذات الشعر الأسود الطويل المجدول عشرين جديلة·
 
أمَّتُكِ عرفتِ الموتَ أسرعَ، كأنَّ الموتَ وُلدَ معها، قال الأمير، فضحك خانياس المهرِّج: إذا لم نولد لايولد الموتُ، ياأميري
 
الموتُ، الذي ولدَ معك، ياخانياس، سيمزِّق نَفْسَهُ لوعةً مما سأفعل بكَ، قال الأمير· مسَّ مقبضَيْ خنجريه الذهبييْن، محدِّقاً إلى أنستوميس: لماذا نأتي بمهرِّجيْنَ يثيرون فينا الرغبةَ في ذبحهم، لكننا لانذبحهم؟
 
دخلت المزيِّنتان سَافِيْنُوْسْ، وأُختُها رُوْسِيْنا، إلى الكهف ذي النقوش الباذخة على جدرانه ـ نقوشِ مخلوقات البحر المجنَّحة· تقدَّمتا بجلديهما النقيَّي البياض إلى السدَّة العالية درجتين لاغير، حيث جلس الأمير مستطلعاً خُلَصاءه، وأُمناءَ إدارة هايدراهوداهوس· صعدتا درجةً واحدةً وجلستا على بطنيهما قبالة وجه الأمير، الذي انحرفَ قليلاً ليواجههما، مديراً جنبَه الأيمن للأعيان الجالسين، بعدما أومأ إلى أنستوميس أن تجلس على الفُرُش المبسوطة على أرض الكهف الأعظم· أخرجتِ المزَيِّنتان أصباغَهما من صندوقين صغيرين، مكسوَّيْن برقائق النحاس الأحمر· مشطتا شَعْرَ الأمير المُسْدَل على أذنيه· مشطتا لحيته المدبَّبة القصيرة، ثم بدأتا في تزيين وجهه بتؤدةٍ في الحركة، ورقَّةٍ في اللمس·
 
الهوداهوس، أجمعوْن، دأبوا على التبرُّج: الذكور، والإناث· أما الأطفال فاكتفوا لهم بخطوط من اللون على ذقونهم· غير أن الأمير ثيوني اتَّخذَ لنفسه نوعين من زينة الوجه بالأصباغ: تبرُّجٌ خفيف داخل كهف مجلسه، بين الخُلصاءِ والأمناء والعائلة، وتبرُّجٌ ثقيلٌ أشبه بالقناع إذا خرج إلى كهوف الإدارات، أو الساحات، أو استعراضِ أمور رعيته في الأسواق، والحقول، وحلبات سباق الهوداهوس الشُّعراء يلقون أشعارَهم وهم يركضون إلى أن يستنفِدَ أحدُهم الهواءَ من رئتيه فيسقط صريعاً من الإرهاق، فيخسَرَ·
 
وجهُ الأمير بلا قناع من الأصباغ لم يألَفْهُ العامَّةُ· بقي من أسرار الكهف الأعظم ـ الكهف العقلِ كما اعتاد الحَرَسُ الأقوياءُ أن يتهامسوا بالإسم· ظلُّ فراشةٍ بلون الحديد كانت تغطي وجه الأمير، عادةً، إذا غادر الكهف· وقد أضافت المزَيِّنتان الأُختان خمسةَ أهدابٍ حمراء، فوق الجلد، تحت كل جفنٍ من الجفنين السفليين لعيني ثيوني· رفعتا المرآة ليرى الإضافةَ فابتسم راضياً· حَمْحَم خانياس فشرخ صمتَ المجلس: لقد حلمتُ حلماً كاملاً قال، فانفجرتِ القهقهات· كاهن الطواحين كيدرومي ظل صامتاً· لمس شاربيه المفرطيْنِ في طولهما، المفتوليْنِ، والمربوطينِ إلى أذنيه بخيطين من الحرير كقوسين، على جانبي وجهه الحليق اللحية· حَمْحَمَ خانياس ثانيةً، وأخرج من جعبة تتدلى من كتفه عَظْمةً رقيقةً: هذا ماتبقَّى من آخر هوداهوس أكلتُهُ في حلمي، وأنا ميت ارتفعتِ القهقهاتُ من جديد· تمتم الكاهن ممتعضاً: ماالخطوةُ التاليةُ بعد موتكَ، ياخانياس؟
 
أنا الهوداهوس خانياس، سأبدأ بالتعرُّف إلى موتي، قال المهرِّج·
 
صهل الأميرُ صهيلاً خافتاً: أريد أنا أيضاً أن أتعرف إلى موتِكَ· أهو مُضْجِرٌ إلى هذا الحدِّ؟
 
لم تتعرَّف إليه، بَعْدُ، أيها الهوداهوس الأمير، قال خانياس، فرد ثيوبي: هو مُضْجِرٌ، أو ضجران، ولاشيء آخر· مَنْ يأخذ المخلوقات على النحو ذاته، صامتيْنَ بعد عبوره، هو مُضْجرٌ، أو ضجران وهزَّ ذؤابةَ الشعر المتدلية على جبينه: أيتها الهوداهوس أنستوميس· طلبتُك لأعرف إن كان في علومك معنىً مَّا للفظة أورسين هي ليست من لغة أهل هايدراهوداهوس، أو جوارها· ربما هي اختلاطُ حروفٍ، قال·
 
أورسين··، تمتمت أنستوميس· كررت اللفظةَ أربع مرات· ليس في حقل ذاكرتي بزرةٌ ينبتُ منها معنىً لهذا اللفظ، أيها الهوداهوس الأمير· لكنني سأكرِّرهُ بلساني على عقلي حتى ينهشَّم· ربما استطعتُ إعادةَ جَمْعِ حُطام هذا اللفظ نَسَقاً من صورٍ وأغمضت عينيها الواسعتين لحظاتٍ· فتحتهما: نصفُ صورةٍ· مخلوقٌ بنصفٍ واحدٍ· هذا ما ينبتُ في حقل خيالي، أيها الهوداهوس الأمير حَمْحَمتْ حَمْحَمةً خافتةً: إنه مخلوقٌ بلا ذاكرة
 
كيف تميِّزين بين صورةِ كائنٍ بذاكرةٍ وآخر بلا ذاكرة، أيتها الهوداهوس أنستوميس؟، سألها الأمير وهو يمسك بيد المُزَيِّنة روسينا الرقيقة كظلِّ سنبلة·

الصفحات