أنت هنا

قراءة كتاب إضاءات على الأدب الإسرائيلي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إضاءات على الأدب الإسرائيلي

إضاءات على الأدب الإسرائيلي

كتاب "إضاءات على الأدب الإسرائيلي الحديث" (2012) عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، للكاتب الفلسطيني الراحل صلاح حزين.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
تقديم
 
أبعدُ من التعرّف
 
وليد أبو بكر
 
لا يمكن التغاضي عن أن صلاح حزيّن علّم كثيرين، منذ وقت مبكّر، الاهتمامَ بالاطلاع على الأدب الذي يكتبه إسرائيليون مرتبطون بطبيعة مؤسستهم الرسمية، حتى وإن تفاوتت قوة هذا الارتباط· لم يكن ذلك من قبيل المقولة الشائعة التي تدعو إلى معرفة العدوّ وحسب، كما كان الحال في اهتمامات فلسطينيّة وعربيّة سابقة بهذا الأدب، ولكنّه جاء كدعوة إلى التعمّق في هذه المعرفة، لأن الحركة الصهيونية، في الأساس الذي قامت عليه، كانت حركة ثقافية، ولأن الثقافة، كما يراها، أكثر مكونات أي مجتمع، قدرة على الكشف·
 
كنت واحداً ممن تعلّموا ذلك من صلاح حزيّن، الذي يقدّر لي الآن أن أقدّم لبعض ما اكتسبته منه؛ لأنّه رحل قبل أن يعطي هذا الجهد المهمّ الذي أنتجه وحده بإخلاص كبير لما يؤمن به، صورةً أخيرةً للنشر في كتاب، مع أنه نشر كثيراً منه في الصحف والدوريات العربية المعروفة·
 
بدأ هذا التعلّم حينما شاركت كمعقب على دراسة له حول الأدب الإسرائيليّ، في ندوة حول القضية الفلسطينية في أربعين عاماً، عقدتها جمعية الخريجين في الكويت، في العام 1989، ثمّ نشرت وقائعها في كتاب، أصدره مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، في العام نفسه، ضمّ الدراسة والتعقيب·
 
حين قرأتُ دراسة صلاح حزيّن القيمة، أدركت عمق ما يفعل، ولمستُ فيه قدرة خارقة على المتابعة، ومعرفة واسعة بتطوّرها، ما فتح أمامي باباً واسعاً للتعرّف على هذا الأدب، بعد أن أشعرتني الدراسة بضرورة التعرّف عليه، بطريقة أكثر دقّة مما سبق أن فعلت· وكانت تلك الدراسة، والكتب التي استعرتها منه حول الموضوع، والحوارات التي دارت بيننا بعد ذلك، عوناً أساسياً لي في إعداد كتاب عن صورة العربي في الأدب الإسرائيلي، شاركتُ في جزء منه في مؤتمر الأدباء العرب الذي عقد في عمان عام 1992، وصدر عن دار الكرمل في عمان، في العام 1994·
 
كرّس صلاح حزين كثيراً من جهده ووقته لمتابعة الأدب الإسرائيلي، وركض وراء ما يستجد منه، ساعدتْه في ذلك أمور ثلاثة: الأول هو الاهتمام الإسرائيليّ الرسميّ بالترويج لما ينتج من أدب، كنوع من الاعتراف بأهميته، عن طريق ترجمته فوراً، ونشره بعدة لغات واسعة الانتشار، وقت نشره بالعبرية، والعمل (المؤسسي) على التعريف به، من خلال شبكة واسعة ممن يهتمون بمراجعة الكتب في العالم، خصوصاً حين تكون إسرائيلية؛ والثاني هو إتقانه للغة الإنجليزية، التي تخصص بها في جامعة دمشق، وتابع تطوير نفسه فيها بعد ذلك، من خلال قراءاته الواسعة لما ينشر بهذه اللغة؛ والثالث هو عمله في مجلة العربي الكويتية، أوسع الدوريات العربية انتشاراً، إضافة إلى الصحافة الكويتية التي كانت أبرز صحافة عربية، بين منتصف سبعينيات القرن العشرين وآخر تسعينياته، ما أتاح له حركة دائبة في العالم، ظلت تسهل له الحصول على الإنتاج الأدبي الجديد، خصوصاً بهذه اللغة·
 
ترك صلاح حزين مجموعة كبيرة من الدراسات حول الأدب الإسرائيلي، الذي أتفق معه على التسمية التي أطلقها عليه، وعلى مبرّرات هذه التسمية، التي يتجنبها كتّاب اللغة العبرية، لأسباب كثيرة، لعلّ أهمها هو ذلك الطموح الصهيونيّ في أن تكون فلسطين كلّها ليهود العالم كلّهم (مهما كانت اللغة التي يتحدّثون بها)، لا لمن يعيشون داخلها فحسب، وهو ما يكرّسه لديهم ما يسمى قانون العودة
 
وأرض إسرائيل لدى الفكر الصهيوني مجرّد مكان ممنوح من ربّ إسرائيل لشعبه المختار· وبذلك فهم لا ينسبون إلى اسم إسرائيل قوميّة يتطلّعون إليها، أو وطناً قوميّاً كما يسمّونه، كما تفعل كل شعوب العالم، كما أنهم فوق ذلك يتناسون ما هو عبريّ، ليكرّسوا الدين اليهوديّ كقوميّة، مع كلّ ما في ذلك من تناقض موضوعيّ وتاريخيّ، يجعلهم يتجنبون أن يسمّوا ما يكتبونه من أدب بأنه يهوديّ، وفي ذلك إشارة واحدة من مجموعة إشارات تؤكد زيف الأسس التي قام عليها كيانهم، وهو واحد من الأمور التي قصدت دراسات صلاح حزيّن أن تشير إليها باستمرار·

الصفحات