أنت هنا

قراءة كتاب ساعة ظهور الأرواح

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ساعة ظهور الأرواح

ساعة ظهور الأرواح

رواية "ساعة ظهور الأرواح"لالمؤلف البحريني عبدالله خليفة، تذكرنا برواية توفيق الحكيم الشهيرة "عودة الروح" لا يقتصر على التشابه في الكلمات ومعانيها المحددة بل يتجاوز ذلك إلى تلك الرسالة الواضحة وهي احياء ما بدا كامنا أو ميتا من روح الجماعة وإعادة الحياة إلى ت

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
(2)
 
لم ينتبه جوهر إلا وهو مرمي عند الأكواخ، وبدت السماء كغلالة شفافة نُثرت عليها فصوصٌ من الماس، وأبصرَ عاصفة الرؤوس وهي تمضي كنيزك من الضؤ والضحك، وشعر بجسمه جافاً دافئاً، وثمة طوق من الريش يحيط قلبه·
 
لم تزل اهتزازاتُ عمودِ النار تصطخبُ في جسده وروحه، ولا تزال كلمات الشبح تتغلغل في سمعه، وتتدفق في جريان مائي··كان الكوخ يتململ ويتنفس كلاماً، وإذا بالجريد يُظهر ثلة من الأشباح، ولكنها ذات أصوات آدمية، وسمع امرأة تلهج بالشكر:
 
ــ الله يعطيه العمر والصحة··
 
وإذا بصوت رجل يتصاعد:
 
ــ معجزة من الله··يد درويش بركة·· من يصدق إن أبنتي الراقدة شهوراً طوالاً متيبسة تمشي فجأة·· سبحانك يا رب!
 
ــ عندما نشرَ البخور وطار ارتعبتُ وكدت أموت··ومريم التي أهالها المنظر ارتعشت أول ارتعاشاتها··
 
ــ سبحانه على كل شيء قدير·· بفضل الله يا امرأة··
 
ــ ولكن ما بال أبنه يبكي··؟!
 
ــ أبن من·· الشيخ درويش ؟·· لعله خاف من انقلاب الدنيا··انظري الغيوم والمياه التي ملأت الأرض··!
 
واقتربوا تماماً من جوهر ولكنهم لم يروه، وفي أول الصف رأى مريم بوجهها المنير، وتطلعت فيه عيناها الواسعتان لكنهما لم ترياه، وخشى أن يتحرك من اتكائه على الخوص، فيصابون بالذعر، وسمع الأم تقول بوضوح:
 
ــ أحسستُ بأصابع تدغدغني يا أبا مريم·· واشتقت إلى الفراش فجأة!
 
ضحك الرجل:
 
ــ كفي يا امرأة··
 
ثم قال شيئاً لم يسمعه، ولكنهم ضحكوا ثم تعوذوا من الشيطان الرجيم بصوت مرتفع·
 
أنتبه إلى خطوات شاردة أخيرة من رفاقه، وابصر كأن نعالهم تطفح فوق المياه وأصواتهم وصورهم، ورأى يوسف معلقاً في الهواء كأنه يُمسك بيده طائرة ورقية، ثم شاهده وهو يترنح على كتف عملاقة، ويسقط على تل من الريش، وينهض ويجري فزعاً صارخاً··
 
ها هو يمزق الظلام والهواء ويقترب منه، فينهض لملاقاته، لكن يوسف حين أبصره استمر في إطلاق انفجاراته الصوتية المخيفة، ولاذ بالفرار·
 
سار نحو بيته·
 
ما زالت الأكواخ في أمكنتها، والنجوم بعدُ في السماء باقيةً تنثر سائلها الضوئي الشحيح، والأطفال بعد يبكون من نقص الحليب والحب، ودكان بوسمرة وحده الذي أشعل الضؤ وأطلق سراح الحكايات، وطريق العدامة الوحيد الذي يوصل إلى البيوت والبحر والموت، لم يزل ماشياً في ارتفاعاته ومنخفضاته المباغتة، وهو وحده يقوده إلى منزله··
 
عريشٌ ناءٍ تحت ثقل المساء، والمياه، وأبوه وأمه يغرفان السائل ويعصران الثياب، ويحدقان فيه متعجبين من هيئته·

الصفحات