أنت هنا
قراءة كتاب الغــــــرب بين الإزدهار والإنهيار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
البريد والتسوق والتمويل لديهم
لعلك عندما وصلت إلى شقة مضيفك انتبهت كما فعلتُ إلى موجودات صندوق بريده التي سارع لإحضارها فور وصوله إليها .. فماذا وجدت ؟ .. ستجدها حتماً عبارة عن مجموعة رسائل: فهذه فاتورة تلفون .. وأخرى فاتورة من إحدى المحلات التجارية تطلب سداد قيمة سلع كان قد اشتراها قبل فترة .. وهذه بطاقة ائتمان Credit Card .. وهذه رسالة من إحدى الشركات التجارية تعرض عليه بطاقة ائتمان بسقف خمسة آلاف دولار.. وإذا استفسرت عن هذا العرض وما مدى معرفته بأصحاب تلك الشركة فسيجيبك بأنه لم يسمع حتى باسمها .. ولكنه سيبين لك بأن الشركات التجارية الكبرى لها قنوات اتصال مستمرة مع البنوك .. وهي من خلال ذلك تتابع تعاملات زبائن هذه البنوك .. فتقوم بناء على هذا المواكبة المستمرة بانتقاء أسماء وعناوين الزبائن الذين يتمتعون بسجلات بنكية نظيفة.. أي خالية من التعاملات الرديئة كعدم سداد مستحقات أو تأخر في سدادها .. ومن ثم تقوم بعرض هذا النوع من البطاقات عليهم.. والهدف طبعاً زيادة مبيعاتها .. وقد يخبرك مضيفك بأنه قد تلقى خلال العام الماضي فقط ما لا يقل عن عشرة عروض من مثل هذه البطاقات .. بسقوف يتعدى مجموعها أربعين ألف دولار .. هذا بالرغم من أنه لم يمض عليه اكثر من سنتين ونصف في أمريكا .. وشرطهم الوحيد هو الالتزام بسداد المستحقات في مواعيدها .. وإذا ما استزدت من المعلومات ستجد أن آخرين يتعاملون بمبالغ أكبر مما لمضيفك .. إذ قد يحوز أحدهم على اكثر من (60) بطاقة ائتمان يصل مجموع سقوفها ربع مليون دولار أمريكي.
هناك الدَيْن سهل.. ولا يطلبون منك وصول تأمين أو كمبيالات ولا حتى شيكات .. بل طور لك اسماً نظيفاً في بنك .. واكثر من تعاملاتك البنكية سحباً أو إيداعاً .. فستحصل على أضعاف المبالغ التي تعاملت بها .. وقد تقول بأنهم بهذا يتعرضون إلى خسائر من أناس ضاقت بهم الحال .. أو حتى من أناس محتالين .. انهم فعلاً يتعرضون لكل ذلك .. وقد تورط كثير من شبابنا هناك للأسف في مثل هذه الممارسات .. ولكن لو حسبت جميع هذه الخسائر لوجدتها لا تتجاوز الهامش الذي سبق ووضعوه في تخطيطهم لمثل هذه البرامج .. والنتيجة هي انهم سيبقون يجنون الربح الوفير إن لم يكن الفاحش من هذه العمليات والبرامج.
فهناك الناس مغامرون ومخاطرون.. ولا عجب فأصولهم الأولى ما كانت إلا مغامرين جاءوا من أوروبا بعد اكتشاف أمريكا في عام 1492م .. لذا فهم يعشقون المغامرة وحتى المقامرة .. بل ويبنون خطط مستقبلهم عليها .. فأنت قد تجد أحدهم قد ارتفع مالياً إلى درجة لا تصدقها .. وقد تجده في اليوم التالي لا يملك شروى نقير.. هذا إذا لم يكن ملاحقاً من قبل الدائنين وأصحاب الحقوق .. ألا ترى ممارسات الحكومة الأمريكية تخلو من أي مبرر منطقي اللهم سوى أنهم يراهنون ويقامرون في سياسات بلدهم .. نعم ان المواطن الأمريكي مقامر بطبعه… فحتى الشخص العادي هناك لا يستطيع ان يحيا دون قمار.. فالقمار جزء من برنامجه اليومي.. ولذا تفتقت اذهان شياطين الانس الى ابتكار أدوات جديدة للقمار .. فعلاوة على نوادي القمار وكازينوهاتها .. فقد ابتكروا آلات خاصة بالقمار أسموها آلات ياناصيب .. .تنتشر هذه الآلات في كل مكان من محلات عملاقة كمحلات سـيرز Sears)) وجويلز Jewels )) الى محلات البقالة الصغيرة المتغلغلة في شوارع وطرقات الأحياء الشعبية .. وفيها يختار المقامر مستوى اللعبة التي يريد المشاركة فيها مقابل مبلغ من المال يتفاوت بتفاوت مستوى اللعبة.. فأحدها يتم باختيارك ثلاثة أرقام .. فتضرب على الأرقام المطلوبة لتخرج لك بطاقة عليها هذه الأرقام .. فتنتظر النتائج التي تذاع على شبكــات التلفاز في أوقات محددة يوميا .. وفي الصحف البومية .. بالاضافة الى أماكن تواجد هذه الآلات .. وهناك مستوى آخر بمبلغ أكبر وجوائز بالطبع أكبر .. وهو يتكون من أربعة ارقام هذه المرة .. وأما المستوى الأكبر والأضخم وجوائزه بمئات الألوف والملايين من الدولارات .. وبالطبع فعدد أرقامه أكثر من المستويات السابقة .. وتشجيعا لهذا النوع من القمار أصبح السحب يتم مرتين في اليوم.. وقد تتعرف أثناء إقامتك على أحدهم ممن ينفق ما لا يقل عن (20) دولاراً في اليوم على مشاركته في هذا النوع من القمار الآلي .. فهو بهذا يخسر (600) ستماية دولار شهرياً انتظاراً لرقم الحظ الذي لم يأت بعد .. وقد لا يأت أبداً .. بالرغم من إصراره على المشاركة منذ خمس سنوات أو أكثر.
وإذا رافقت مضيفك للتسوق للتموين المنزلي .. فسيأخذك حتماً إلى سوق بيتز (Petes) القريب من مكان إقامته.. وستجده سوقاً ضخماً يحوي جميع أنواع الفواكه والخضار واللحوم والألبان والأجبان والسمانة والبقالة بأشكال كل منها وأصنافها المختلفة.. وإني لا تصورك كما حدث معي، تقف مشدوهاً أمام تنوع وجودة ونظافة المعروضات .. وقد تتمنى كما تمنيت لو يتاح لنا مثل هذا في بلادنا .. وقد تحار في أيٍ من أصناف التفاح تختار.. فهناك ما لا يقل عن ستة أنواع منها .. وهكذا بالنسبة لبقية الفواكه والخضراوات .. والأفضل أن تترك هذا الأمر لمضيفك وتنسحب متعللاً كما فعلت أنا في حينها برغبتك في القيام بجولة استطلاعية على المعروضات.. وقبل أن تكمل ربع جولتك ستجد أن مضيفك قد انتهى من تعبئة عربته وسوقها إلى المحاسب.. الذي بدوره لم يأخذ اكثر من دقيقة أو اثنتين في جمع أثمان المشتريات وتسجيل قيمتها على حساب بطاقة مضيفك الائتمانية التي تغنيه عن حمل النقود .. لتخرجوا من هذا السوق الرائع بوعد من مضيفك بالعودة إليه مرات أخرى في الأيام القليلة القادمة .. لتكمل جولتك الاستكشافية .