أنت هنا

قراءة كتاب الأعمال القصصية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأعمال القصصية

الأعمال القصصية

"الأعمال القصصية"؛ رغم ان بعض هذه المجاميع الست التي يضمها المجلد قد طبع أكثر من مرة سواء في بغداد أو بيروت أو دمشق أو القاهرة فإن طبعاتها قد نفذت كلها وأصبح العثور على نسخة منها أمرا متعذرا·

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
أنت تتذكرينني صبيا وديعا وكان أقراني يكرهونني فقد كنت أفوقهم في كل ميدان، وأنت تذكرين تلك الصبية المترفة التي امتزج صباها بصبايا وتذكرين نهايتي معها فلم أعلن فشلي إلا أمامك، لقد كنت أحبها يا أمي وأترصدها في مفترق كل طريق وأقول في عينيها أحلى الكلمات، وكنت تقولين لي بطيبة:(إنها ليست من نوعك يا وحيدي، وعليك أن تمد رجليك على قدر غطائك) وكنت أبتسم من كلماتك هذه وأرد عليك: (إن عالمي لا يعرف الحدود يا أمي) وكان رأسي في الحلم ولكنك لم تدركي ما أعنيه فقد عجزت عن فهمي يا أمي منذ زمان، منذ أن فلسفت وجودي شعرت أني فقدتك وأقلعت عنك بعيدا، حتى نفسي فقدتها·
 
كنت أردد: (علي أن أكون الها أبصق في أعين الرعاع وإلا فلأنهي حياتي من بدايتها) لذا اتجهت وجهات كثيرة بحثا عن صلاحيتي لأكون الها، فاخترت القتل فهذه العقول المكبلة لن يتربع فوقها غير السيف· ويومئذ صرت اله القتل ولكن اله القتل نفسه مهدد بالقتل اليوم والإله لا ينتهي، لذا عرفت بأني نصاب كبير وعبثا أحاول الرجوع لأبدأ من جديد، كان الأولى بي أن أكون اله التثاؤب مثلا لكن الوقت قد فات وخيولنا متعبة الآن ونفوسنا أكثر منها تعبا وربما استسلم للفاتحين فيبصق على جثتي جنودي، لقد أحببت تلك الفتاة المترفة فأنا كما أخبرتك بأن عالمي لا يعرف الحدود، إنه الطموح الأرعن وأحلام الحرمان فقد أضعت أشياء كثيرة كنت بأمس الحاجة إليها، أنت تذكرين هذا جيدا ولا أريد الآن أن أفضح أشيائنا الخاصة·
 
كنت أحلم بهذه الصبية المترفة ولكن المحظور قد وقع يوما فقد قالت لي ساخرة: (أنت معدم أيها الغريب، فمن رماك في طريقي؟ أنا أنشد الترف وأنت الحرمان بعينه) ثم مضت عني· أواه يا أمي إنه كابوس مؤرق! أنهار كلما تذكرته، لقد قتلت الخيبة حلم صباي، ولذا أردت أن أكون شيئا عاليا لا ينسى وهل هناك غير مكانة الآلهة؟
 
وحين دخلت هذه البلاد التي يحل جسدي فيها الآن كنت وحيدا وفي يمناي سيفي، ثم جعلوا مني قائدا لهم وقد احتج بعضهم آنذاك قائلين:(أيقودنا هذا الشريد الذي لا نعرفه؟) ولكنها بلاد خيرة فقد قال رجال دينهم: (إنه بشر مثلكم، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)، وقد زوجوني بواحدة من بناتهم وظلت زوجتي تخافني ثم ماتت بين ذراعي ونحن في وضع أخجل عن ذكره لك الآن· لم أحب زوجتي يوما فقد كان قلبي مع تلك المترفة وإن عدت يوما متوجا بالذهب والهتاف فسأبحث عنها، قولي لها بأني لم أخض معركة إلا وكان اسمها يرفرف على شفتي كعلم النصر الذي يرفعه جنودي كلما دخلنا مدينة فاتحين، لكن خيولنا متعبة الآن ونفوسنا أكثر منها تعبا ونحن محاصرون·
 
-انهض يا سيدي، إن الأعداء يكتلون قواهم حولنا وصهيل خيولهم ينفذ إلى خيامنا·

الصفحات