أنت هنا

قراءة كتاب برزخ العالم الثالث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
 برزخ العالم الثالث

برزخ العالم الثالث

برزخ العالم الثالث- مذكرات سجين في مكان سحيق    
تأليف: علاء الدين المدرس
الناشر: دار الرقيم - العراق (2003)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1
مـقـدمـة:
 
يُعد أدب السجون أحد الألوان الأدبية المشوقة التي عرفها الإنسان وتفاعل معها, وهو أدب يمزج بين الوجدان والواقعية, ويسلط الضوء على عالم مظلم, وزاوية معتمة من زوايا النشاط الإنساني. كما إنه يكون أحياناً أحد ثمار الظروف الصعبة التي قد يتعرض لها السجين فتنطلق في نفسه بعض المشاعر والطاقات الكامنة لتعبر عن مكنون ما في الروح المنفعلة والنفس المعذبة من مشاعر وأفكار بشكل أدبٍ متميز ذي مادة غزيرة لا تقل أهميةً عن الآداب والفنون الأخرى ..
 
والكتاب الذي نقدّمه بين يدي القاريء الكريم والموسوم (صور العذاب في المعتقلات السرية أو برزخ العالَم الثالث) محاولةٌ واقعية لتسجيل مذكرات سجين, كُتبت في زنزانة من زنزانات أجهزة الأمن في إحدى دول الاستبداد والقمع في الشرق المقهور، حاول الكاتب أن يستعرض بعض الصور المؤلمة, وأنواع الظلم والعذاب الجسدي والنفسي الذي كان يرزح تحته السجناء في ذلك السجن الخاص, وأن يخاطب أخاه الإنسان خارجَ أسوار المعتقلات والسجون, ويحذره من أن تهوي به رياح الظلم إلى ذلك المكان السحيق, ويطالبه أن يمارس دوره ويضغط بقوة على مراكز القرار الإعلامية والسياسية للتأثير على ذلك السلوك المستهجن والتعامل اللا إنساني الذي يتمثل ابتداءً في مصادرة الحقوق الإنسانية للإنسان, ثم ظلمه وقهره لأتفه الأسباب, وفي الاستجابة لهذه الاستغاثة وذلك النداء نكون قد ساهمنا في إزالة المنكر الذي شاع بين الناس والظلم الذي يعاني منه معظم الناس دون أن يحاولوا إزالته , دفاعاً عن الإنسان وكرامته, باعتباره خليفة الله في أرضه, ودفاعاً عن الحق والمبادئ في حياة البشر, ومحاربة الظلم والباطل وأتباعه ممن أطاعوا النفس والشيطان, وتسلطوا على الرقاب في غفلةٍ من الزمن في شرقنا الحبيب وعالمنا العربي المنكوب بجهل أبنائه وظلم حكامه إلا ما شاء الله منهم.
 
وقد يسأل البعض عن مكان تلك الأحداث التي يسردها الكاتب, غير أن المؤلف لم يشأ الإشارة إلى المكان أو كشف الستار عنه, مبرراً رأيه أن تلك المظالم والانتهاكات التي تعرض لها هو ورفاقه قد أصبحت سمة مشتركة لمعظم معتقلات الشرق , فيما يسمى معتقلات أجهزة الأمن السرية. فيكون عدم التحديد أبلغ في إدراك الغاية المرجوة ومحاصرة هذا الداء الذي يعاني منه ويئن من ثقله مئات الألوف من الناس في دول الشرق والغرب, ومع ذلك فليس من الصعب تحديد المكان الذي شهِد تلك الأحداث والمآسي, من خلال قراءة ما بين السطور. إذاً فهو مرض مزمن وخطير أستحوذ على تفكير الكثير من الحكام, فأنتج الكثير من المحن والفتن والبطش ومصادرة الحريات مقابل الحفاظ على المصالح والكراسي, فانتشر الفساد الأخلاقي والاجتماعي والسياسي في الكثير من البلدان التي عانت وتعاني من آثار تلك الأنظمة المستبدة وإفرازاتها.
 
سيجد القارئ في ثنايا هذه المذكرات مخالفات كثيرة، وهي مخالفات صريحة تتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية داخل تلك المعتقلات, تكفي الواحدة منها لإدانة تلك الأنظمة والوقوف بوجهها وفضحها, كما تصور هذه المذكرات حياة السجين اليومية وآلامه وآماله وأحلامه وصبره وجزعه.. لتحاول أن تأخذ بيد القارئ الكريم إلى داخل ذلك المعتقل ليعيش مع السجين في أدق تفاصيل حياته حتى لكأنه أحد السجناء!..
 
ولا يخفى إن في استعراض تلك الصور تحذيراً لتلك النظم الفاسدة المستبدة, لتعدل عن نهجها المنحرف وتعاملها المتعسف مع الإنسان, ذلك المخلوق الفريد الذي أكرمه الله سبحانه, ونفخ فيه من روحه, وأهداه جوهرة العقل والإرادة وجعله سيد الوجود ومركز الكون وسخر له كل شيء من حوله.. فكان عزيزاً كريماً على الله, كرامةً أكدتها اللوائح والقوانين الدولية فضلا عن الأديان السماوية والمذاهب الاجتماعية, ودافعت عنها الأحزاب والجمعيات والمنظمات والدول, حتى أرست قواعدها لائحة حقوق الإنسان المعروفة, وأصبح الاهتمام بتلك الحقوق مقياساً لرقي الأمم والشعوب وسمة أساسية من سمات الحضارة الإنسانية المعاصرة.
 
في الحقيقة إن مادة هذا الكتاب عبارة عن مذكرات وخواطر وصور منوعة كتبت من داخل المعتقل وفي ظرف استثنائي وعصيب, لذا قد يجد القارئ فيها بعض الخصوصية وعدم وضوح التسلسل المنهجي للأحداث, كالجنوح في عالم النفس والروح والخيال في تصوير مشاعر وإرهاصات المعتقلين وسجانيهم, كما قد يلمس القارئ شيء من التكرار في وصف حالات الجوع والمرض والألم, لأنها كتبت هكذا وفي ذلك الجو وتحت ضغط وهاجس الخوف من اكتشاف أمرها وتعرض كاتب المذكرات وأصحابه للعقاب أو للإرهاب على الأقل, كما كاد أن يحصل مرات عديدة, ونأمل من القارئ الكريم أن يقدر ذلك الظرف وأن يتجاوز الهفوات التي قد يجدها عند قراءته لهذا الكتاب والعيش مع المؤلف في رحلته الطويلة, ومن الله التوفيق.
 
الناشر
 
مكتب المختار
 
5/ 11/ 1995م

الصفحات