أنت هنا

قراءة كتاب القضاء والقدر في حياتنا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القضاء والقدر في حياتنا

القضاء والقدر في حياتنا

كتاب "القضاء والقدر في حياتنا" للكاتب والمؤلف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 6
أبرز رأيين في القدر
 
رأى بعض العلمـاء ولا سـيما السـابقـون منهـم أن الله تعالى خلـق الإنسـان وخلـق أفعـاله، ورأى آخـرون من العلمـاء ولا سـيما المعـاصرون منهم أن الله تعالى خلق الإنسـان، وتـرك له حـرية التصرف، وأنـزل الـرسـل للتـوجيه والإرشـاد فيظهـرون للناس ما يحسـن أن يأخـذوا به من الأعمـال، ويظهرون لهم جميـع الأفعـال التي ترضي الله وينهـونهم عن الأفعـال التي تغضبـه، ويـأمرون الناس أن يصبـروا على أمـور يبتليهـم الله تعـالى بها كـضيـق في الـرزق أو نقص في المـال والثمـرات، أو نقص في الأنفـس، فـهي من الله تعـالى ولا أثـر للناس فيها، كما يأمـرونهم أن يصبـروا على مظـالم قـد يتعـرضون لها من أنـاس ظالميـن أقـوى منهم، وعليـهم ان يحـاولوا إزالـة الظلم ما امكنهـم وأن يـدعـوا الله أن يعينـهم في جميـع شـؤونهـم.
 
لـقد اسـتخلصت الآراء من اقـوال العلمـاء، وأسـتبق الآن أقـوالهم لأيسـر معـرفتهـا وليكـون لـدى القـارئ فكـرة واضـحة محـددة عـن القضـاء والقـدر قبـل أن تـذكر كلمـاتهم حـرفا حـرفا:
 
أ – الـرأي الاول:
 
خـلاصـة هـذا الـرأي أن الله تعـالى خلـق الإنسـان وخلـق أفعـاله، فإذا آمن فـبـفضـل من الله وتوجيـه منه، وإذا كفـر فلأن الله سـبحانـه أشـربه في قلبـه الكفـر. وإذا رأيـنا الإنسـان مسـتقيما أو شـاء أن يكون مسـتقيما، فليـس له في ذلك فضـل أو تأثير لأنـه سـبحانه وتعـالى يقـول في سـورة التكويـر: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ)، والمعنى أن مشـيئة الله أولا ثم تشـاء أنت بأثر من مـشـيئة الله عليك. إنك مـرتبط بخيط بيـد ملك يديـرك ولا تـرى الخيـط، حتى لو أراد المشـرك أن يؤمن فإنـه لا يسـتطيع لأن الله تعالى يقـول: (ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) فهـو يمنـع المشـرك من الإيمان ويمنع المـؤمن من الكفر.
 
ويـرون أن كل إنسـان يـريد أن يقـوم بعمل لا بـد أن يتـوفر له شـيئان أولهمـا: النيـة أو ما يسـمى أحيـانا العـزم والإرادة. وثـانيهمـا: إنهـاض الجـوارح للعمـل، وهذان الأمـران لا يملكهمـا الإنسـان، بل همـا لمـن يختصـهما الله بـرحمتـه، ويمنعـا عمـن حـرمه الله تعـالى من هذه الرحمـة.
 
ويقـولون قد علمتـم قوله سـبحانه: (والله يختـص بـرحمتـه من يشـاء)( )، والإختصـاص لا يـكون لسـائرالأمـم والفئـات بل لفئـات دون فئـات.
 
ويسـتشـهدون بآيات عـديدة واحـاديث متعـددة تعـزز موقفهم وفهمـهم للقضـاء والقدر بأنه خلق أفعـال العبـاد، فيتـلون قـوله سـبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) ( )، وتـجد من كتب التفسـير ما يؤيـد وجهـة النظر هذه بشـدة، قال ابن كثيـر: قال ابن عباس: يوسع قلبه للتوحيـد والإيمان به، ويتـلون قوله تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ)( )، يقول ابن جرير في شـرح هذه الآية: وما يذكرون هذا القـرآن فيتعظون به ويسـتعملون ما فيه إلا أن يشـاء الله أن يذكروه لأنه لا احد يقدر على شـيء إلا بأن يشـاء الله فيعطيه القدرة عليه؛ ويتلون قوله تعالى: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ)( ). قال ابن جرير يفسـرها: لا تـزغ قلـوبنا، لا تملـها فتصـرفهـا عن هـداك بعـد إذ هـديتـنا له فوفقتـنا للإيمـان بمحـكم كتابـك ومتشـابهه، وهب لنا يا رب من لدنك رحمة، هب لنا من عندك توفيقـا وثبـاتـا للذي نحن عليـه، إنـك انت الوهـاب المعطي عبـادك التـوفيـق والسـداد والثبـات على ديـنك؛ ويتـلون غيـر ذلك.
 
ولهذا الراي استشهادات من الأحاديث الشـريفة عـدد وافـر، وتـدل مخـتلف هذه الأحـاديث ان الإنسـان ملـزم في أقـواله وافعـاله، لأنهمـا كلاهمـا أوجدهما الله سـبحانه وتعالى وليـس للإنسـان في ذلك أي قـدر من التصرف ولا أي حظ من التغيـير والتبـديل، قال رسول الله  "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " وفي رواية لعبد الله بن عمرو بن العاص قال سـمعت رسول الله  يقول: "كتب الله مقـادير الخـلائـق قبل أن يخـلق السـموات والأرض بخمسـين الف سـنة، وقال وعـرشـه على الماء؛ وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: كنا في جنازة في بقـيع الغرقد فأتانا رسول الله  فقـعد وقعـدنا حـوله ومعه مخصرة فـنكـس فجعـل ينكت بمخصـرته ثم قال: " ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتبت شـقية او سـعيدة، قال رجل يا رسول الله أفلا نمكث على كتـابنا ونـدع العمـل؟ فقـال النبي  من كـان من أهـل السـعادة فسـيصير إلى عمـل أهـل السـعادة ومن كان من أهل الشـقاوة فسـيصير إلى عمل أهل الشـقاوة وقال: اعملـوا فكل ميـسر، أما اهل السـعادة فيـيسـرون لعمـل أهل السـعادة وأما أهل الشـقاوة فيـيسـرون لعمل أهل الشـقاوة " ثم قـرأ: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ) .
 
كما اسـتـندوا إلى أحـاديث أخـرى ولكنـها تحمل المعـاني المـذكورة في الأحـاديث السـابقة؛ أي تحمل الرأي القـائل أن الله تعالى خلق الإنسـان جسـما وروحـا وخلق أفعـاله خيرها وشـرها.

الصفحات