أنت هنا

قراءة كتاب أعواد ثقاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أعواد ثقاب

أعواد ثقاب

رواية "أعواد ثقاب" الصادرة عام 2000 للكاتبة رفقة دودين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ من أجوائها:
قال الراوي، بعد أن ذكر الله وأثنى عليه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
اللحظات تمرَّ بطيئة ويجيء من الفزيع الشرقي مناد يقول: إنّ الشايب بدوي بدا كما لو أنه ينازع، تسارع الرجال تاركين النساء يتحلقن حول خيمة المرأة الموشكة، يهرولون صوب الشايب بدوي، من فورهم غطوه بعباءة، وقبّلوه أي جعلوا وجهه بمواجهة القبلة وتحلقوا حوله وقد جلس أكبرهم سناً أمام وجههه المتغضن وقد سُجّي جسده آمراً:
 
- حضروا اللثام
 
- ما الذي بيدهم إن يفعلوا الساعة واللحظة، ومحتضر بكل ألق احتضاره، يبدو كسراج على وشك أن ينطفئ، هم في العراء الذي جعلوه بضجيجهم وعجيجهم كسوق الحلال تناثرت دوابهم، واحاطت بهم، امرأة تحتضر لولادة، ورجل يحتضر لموت، ما الذي هم فيه الساعة؟ والصِغار الأكثر اقتراباً من جمع النساء اختاروا التقافز بين الخيمة والعراء، يتلقطون الاخبار وينقلونها ما بين الجمعين يقولون:
 
- إنّ الطلق تسارع مع المرأة في الخيمة فيردُّ جمع الرجال
 
- احتضار الرجل تسارع هو الآخر ونحن ننتظر شيئا ما·
 
لهفة أن يتخلص من الهموم والأسى وشتى الآحزان، تصادرها مواجهة الموت وجهاً لوجه بعضهم أشار بأن يسقى المحتضر ماء شيح، أو قيصوم، وأشار آخر بأن يوقدوا ناراً يأنسوها لعلّ به رعدة من برد، فتزايله اللحظة والساعة، وكانت البرية أشجاراً من حطب وشيح، ما عليهم إلا أن يشبّوا النيران، وقال أحدهم: بهمومنا تُمَّ بيعنا، بهمومنا طلقت أمنا·
 
يطول احتضار الرجل ويقلٌّ تسارع الطلق مع المرأة
 
ينتهر الكبار الصغار قائلين:
 
- احتضار المرء ليس فرجة وصندوق عجب·
 
معاناة بدوي، تقتلع منهم الدموع والتجلد والهنهنات، حين يأتي صوته ضعيفاً في صحوة قالوا إنها صحوة الموت مقصداً:
 
يا خال خلي الجوح والنوح والبكا
 
واعجل بقبري يا قوي العزايم
 
ويقول الراوي
 
كانوا كالعاري في مهب ريح، ولا ورق بخصفون منه على أنفسهم لمداراة العُري أمام الموت قال بعضهم، نحضر تسليم الروح لباريها، وانا لمن الطائعين
 
وفردوا أكفهم يستمطرون شآبيب رحمة، فأصرَّ كبار السنِّ على ابعادهم قائلين:
 
- قد يشهق الرجل، وقد يأتي بما يجب أن يظلَّ مستوراً، فابتعدوا وانتبذوا من الأمكنة أقصاها، ومثلما فعلوا فعلت النساء كبيرات السنِّ ذوات الشعيرات السوداءء الطويلة تنمو بأسفل الذقن، فلا يعدن يلاحقنها بالاقتلاع، تتطاول وتأخذ وجهتها باتجاه أسفل الحنك، وكانت النساء دائبات الدخول والخروج من خيمة الولادة فصرخت فيهن أم حمد قائلة:
 
- اخجلن هل الخيمة سوق حلال، الداخل داخل والخارج خارج، المرأة امسكت وشفعت·

الصفحات