أنت هنا

قراءة كتاب أسس العروبة القديمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أسس العروبة القديمة

أسس العروبة القديمة

ينكر كثيرون وجود عروبة قديمة، وقد وضع هذا الكتاب للرد على هؤلاء، ولتعريف شباب الأمة ببعض روافد وأسس العروبة منذ أقدم العصور التي جاء الإسلام ليصقلها ويكملها ويصنع لها دولة. 

تقييمك:
4
Average: 4 (3 votes)
الصفحة رقم: 10
السكان واللغة:
 
بعد هذا الرسم التوضيحي الموجز للخارطة الجغرافية والمناخية التي بها نشأ وعاش وتحرك وتطور وأبدع أول حضارة في العالم الشعب الذي نعرِّفه اليوم بالشعب العربي يصير من اليسير علينا أن نحل كل الإشكالات المفروضة، وأن نفسر بسهولة كل تلك التحركات السكانية العربية سواء على هذا المسرح أو في خارجه. ولم تعد – بعد هذا – مسألة خروج العرب السومريين من منطقة الجنة في أرض الخليج إلى الجنوب العراقي لغزاً يسهم المستشرقون في جعله محيراً رغم كل الدلائل والمكتشفات. إذ إنَّ منطقة ما قبل الخليج كانت جزءاً من ثقافة كبيرة معاصرة – كما أكدت النتائج التي قدمتها بحوث سفينة الميتيور – انتشرت مراكزها في الجنوب الرافدي وجواره قبل أن تجبر مياه البحر الصاعدة أهلها على الرحيل تدريجياً إلى مواطن جديدة.
 
لقد صار ثابتاً اليوم أن هذه الظاهرة هي التي أجبرت سكان الجنة العربية القديمة في أرض الخليج إلى أن ينتشروا إلى الجوار الشرقي، فنقلوا إلى شواطئ الهند الغربية ما دعي بحضارة ما قبل الهندية والتي تعود إلى الألفين السادس والخامس قبل الميلاد. وقد دعيت اللغة المكتشفة هناك بـ "الدرويدية"، وهي عربية شقيقة للعربية السائدة حينذاك في شرق شبه جزيرة العرب.
 
يقول كوندراتوف: "ويجد اللغويون معالم التشابه بين لغة الدرويديين ولغة العبيديين الذين عاشوا في وادي دجلة والفرات قبل السومريين وكثيراً ما كانوا يتحدثون عن الوطن الجد الغريق وعن "مملكتهم التي ابتلعتها مياه البحر" (أ. كوندراتوف، المرجع السابق، ص 62).
 
كما أنَّ الظاهرة نفسها هي التي أجبرت العرب الآخرين الذين حلوا في أرض سومر من جنوب العراق ودعوا بالسومريين ناقلين معهم تراثهم وقصصهم وذكرياتهم عن "الوطن الغريق" و"بحر الوطن" و"الجنة المفقودة تحت الماء" وجنة "دلمون" البحرية.
 
يقول البرفسور "جاك لابيري" أكبر علماء المناخ في أوروبا اليوم بهذا الصدد ما يلي: "إن حضارات القدامى بزغت وتلاشت بفعل حركة ارتفاع أو انخفاض منسوب البحر والمياه فوق مستوى الأرض. لنأخذ مثلاً السومريين، لقد ظهروا فجأة منذ حوالي ستة آلاف سنة عند نهري دجلة والفرات. كانوا يملكون أسلحة متطورة بالنسبة إلى ذلك الزمان، ويعيشون حضارة ناشطة، فمن أين جاؤوا؟ إن علم المناخ والأرصاد يدل على أنه حين كان سطح المحيط منخفضاً، أي أقل ارتفاعاً عما هو بمئة متر. فالسومريون كانوا موجودين في مكانٍ ما، من المؤكد أنهم كانوا قرب نهر يؤمن لهم الشرب واستمرارية الحياة. آنذاك، كان البحر يغطي مدخل الخليج العربي الحالي، وكان نهر دجلة والفرات نهراً واحداً يسير وسط منطقة الخليج "الحالي" ليصب في المحيط الهندي. إذن كان بحر الخليج أرضاً يابسة يجتازها النهر المذكور. كان سهلاً واسعاً وخصباً، وفي هذا السهل ومنذ آلاف السنين حيث كان مستوى البحر منخفضاً 100 متر حدثت حتماً عملية انتقال الإنسان من حالة العصر الحجري القديم إلى حالة العصر الحجري الأخير "المزارعين الثابتين". لقد تم ذلك منذ 8 أو 9 آلاف سنة، وقد ظل سطح البحر يرتفع منذ سبعة آلاف سنة دافعاً بالسومريين الأوائل إلى منطقة الشمال الغربي. فبلغ البحر، ومنذ خمسة آلاف سنة، المستوى الحالي الذي نعرفه. فاستقر السومريون في مدينة أور وضواحيها، والمعروف أن المدن الكبرى القديمة في بلاد الكلدان توجد على بعد 140 كيلومتراً تقريباً من هذه الأراضي. وهذا المستوى كان الأقصى الذي بلغته مياه البحر منذ 5500 سنة، وحين انحسرت مياه البحر في ما بعد بقي السومريون حيث كانوا" (لقاء مع د. جاك لابيري، مجلة "الصفر"، عدد أغسطس/ آب 1987، تصدر عن شركة إنترسبايس للنشر بالتعاون مع المركز العربي للدراسات الدولية، ص 41).
 
وهذا أيضاً ما أكده عالم الآثار الأمريكي جوريس زارينس الذي ظل يعمل في الآثار في المنطقة الشرقية من الأراضي السعودية زهاء عشرة أعوام... فتوصل من خلال المكتشفات إلى النتائج نفسها. وقد أجرت معه إحدى المجلات الأمريكية لقاءً مطولاً في عددها الصادر في أيار 1987 تحت عنوان "هل تم العثور أخيراً على موقع جنة عدن" أكد فيه أن الموطن الأصلي للعبيديين هو الطرف الشرقي لشبه جزيرة العرب وأنهم أسلاف السومريين الذين خرجوا من أرض الخليج حيث "جنة عدن" العربية، وكانوا هم، لا السومريون، بناة المدن والحضارة في جنوب العراق" (ريبورتاج حول نتائج أعمال عالم الآثار الأمريكي "جوريس زارينس" في العربية السعودية ضمن بحث: "هل تحدد أخيراً موقع جنة عدن؟"، مجلة Smithsonian الأمريكية عدد مايو / أيار 1987، ص 127 – 134).

الصفحات