أنت هنا

قراءة كتاب الحياة في بيوت فلسطين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحياة في بيوت فلسطين

الحياة في بيوت فلسطين

كتاب «الحياة في بيوت فلسطين (1855ـــ 1859)» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) هو حصيلة رحلات دوّنتها ماري إليزا روجرز أثناء مرافقتها لشقيقها إدوارد توماس روجرز الذي شغل مناصب ديبلوماسية وقنصلية في القدس ودمشق والقاهرة وحيفا التي يبدأ منها تدوين هذه الرحلات،

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
سرعان ما رسونا خارج الحزام الصخري الشبيه بالهلال بانحناءته، والذي تبرز بعض صخوره القاتمة اللون فوق سطح الماء، بينما غمر بعضها الآخر بالكامل تحت الماء، ولم يكن ثمة ما يدل على وجودها هناك سوى ارتداد الأمواج عنها· يمتد هذا الحزام الصخري كحاجز أمام البلدة، ويشكل ميناء طبيعيا بعمق يبلغ الخمسين قدما تقريبا، لا يمكن عبوره سوى بواسطة القوارب الصغيرة، ولا يوفر ولا حتى الحد الأدنى من الحماية خلال الظروف الجوية السيئة· ترتبط هذه الصخور الجرداء تقليديا بأسطورة بيرسيوس وأندروميدا (الملك الإغريقي الذي تزوج ابنة ملك الحبشة حسب الميثولوجيا الإغريقية-المترجم)·
 
كانت بارجتان حربيتان نمساويتان راسيتين على مقربة منا بانتظار اصطحاب الأرشيدوق ماكسميليان وحاشيته الذين كانوا يزورون مدينة القدس آنئذٍ، علاوة على بعض السفن التجارية الفرنسية واليونانية وبعض الزوارق العربية الصغيرة التي كانت تبحر في الأنحاء·
 
وفي هذه الأثناء، اقترب منا قارب الحجر الصحي الذي كان يقل رجل أمن وموظفا من موظفي الحجر الصحي في المدينة، لتزويدنا بسلال من البرتقال والمشمش والليمون· وقُدم لي غصن برتقال جميل يزهو بأوراقه النضرة وحبات البرتقال الطازجة· واجهنا صعوبة في الانتقال إلى قارب الحجر الصحي الصغير المخصص لنقلنا للشاطئ، نظرا لهبوب رياح خفيفة أدت إلى تشكيل أمواج ساهمت في اضطراب المياه، وكان البحارة العرب على متن القارب المخصص لقطر قارب الحجر الصحي يرفضون مجرد لمسه، حتى ولو اقتضت الضرورة ذلك، خوفا من احتجازهم في المحجر الصحي كإجراء احترازي لمنع الانتشار المحتمل للعدوى· بعد العديد من المحاولات اليائسة، نجحنا نحن واثنان من الرهبان الفرنسيسكان والمتاع الذي كان بمعيتنا، وبعد أن شارفنا على السقوط في مياه البحر بالنزول بشكل فوضوي إلى قارب الحجر الصحي، ثم جررنا بواسطة الزورق الصغير بعنف عبر الأمواج التي كان يختفي خلفها تماما بين الحين والآخر عندما تفصلنا عنه إحدى الأمواج المرتفعة، وعندما دنونا من الحزام الصخري شعرت بأنه من المستحيل أن لا يتعرض قاربنا للارتطام بالصخور وأن يتحول إلى حطام، فالتزمت الصمت وانتابني الخوف طوال الوقت الذي استغرقناه لعبور الممر المائي الضيق، ولكن سرعان ما تلاشى الخطر المحدق بنا، فقد كانت المياه داخل الحزام هادئة جدا كمياه البحيرات، حينها فقط، عدت للتأمل بالمشهد الأخاذ المحيط بي· كان للحاجز الصخري فتحتان، إحداهما صوب الشمال بينما الأخرى باتجاه الغرب، وهي التي دخلنا منها، حيث أحسست خلال عبورنا باحتكاك القارب بالصخور من تحتنا·

الصفحات