أنت هنا

قراءة كتاب الحياة في بيوت فلسطين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحياة في بيوت فلسطين

الحياة في بيوت فلسطين

كتاب «الحياة في بيوت فلسطين (1855ـــ 1859)» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) هو حصيلة رحلات دوّنتها ماري إليزا روجرز أثناء مرافقتها لشقيقها إدوارد توماس روجرز الذي شغل مناصب ديبلوماسية وقنصلية في القدس ودمشق والقاهرة وحيفا التي يبدأ منها تدوين هذه الرحلات،

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
خلت الغرفة من أي شيء باستثناء حقائبنا وحارس الحجر الصحي المرافق لنا بعصاه الطويلة، والآلاف من الحشرات الطائرة وبيت للنمل ونحن!
 
جلست بصعوبة على المقعد الضيق المحاذي للنافذة، بينما ألقى شقيقي بنفسه على الحقائب وصناديق الأمتعة، ولم يكن بوسعنا سوى الضحك على بعضنا البعض، وعلى الأوضاع السخيفة التي وجدنا أنفسنا فيها، ولولا أننا كنا نتمتع بصحة جيدة ومعنويات مرتفعة لاختلفت خطورة الموقف تماما·
 
من حسن الطالع أن أخي لم يكن غريبا عن المنطقة وهذا ما وفر لنا الكثير من المساعدة، فقد قام السيد خياط، القنصل الإنجليزي- وهو من بلاد الشام أساسا- بإرسال مترجمه الخاص لمساعدتنا، حيث سارع بتوفير حصير وفرشات للنوم ولحافات؛ وهو الأمر الذي مكننا من تهيئة مجلس أو ديوان مؤقت·
 
بعد وقت قصير، جاء السيد جراهام، صديقنا العزيز من القدس لزيارتنا، حيث وقف خارج نافذتنا بوجود الحارس الذي وقف هناك لمراقبتنا، فلو حدث أن لامست أيدينا أيدي الضيف الزائر، فسوف يتعين عليه الانضمام إلينا في الحجز المفروض علينا، وقد قام السيد جراهام بإعارتنا شيئا من أثاث خيامه وبعضا من أواني الطبخ وغيرها من اللوازم الضرورية، ما جعل إقامتنا أكثر راحة واحتمالا·
 
عندما اضطررنا لارسال من يشتري لنا الطعام من السوق، وجب علينا أن نضع النقود في كوب مليء بالماء لمنع انتشار العدوى، والطريف أننا كنا نتمتع بصحة أفضل بكثير من مظهر أي من السُّعاه القذرين وشبه العراة، الذين قاموا على خدمتنا وشراء احتياجاتنا من الدجاج وحليب النعاج والبن والأرز والفاكهة والخضراوات من السوق بأسعار معقولة جدا·
 
كانت الساحة تضم غرفتين أخريتين إضافة إلى غرفتنا، كان في إحداهما مجموعة من المسافرين المسلمين بينما احتل الحجاج الفرنسيسكان الغرفة الأخرى، ولما كانت الساحة التي تتوسط المكان تنعم بظلال الأشجار الباسقة، فقد كانت الحرارة فيها أبرد بكثير من حرارة الغرف، ما دعانا جميعا لتناول طعام الإفطار سوية فيها·
 
توضأ جيراننا المسلمون وفرشوا سجاجيد الصلاة الخاصة بهم وأدوا صلاتهم، ثم تحلقوا حول طبق من الأرز والسمن والبندورة، وأكلوا جميعا بأيديهم من الصحن نفسه، كانوا يأكلون بسرعة وبصمت ثم غسلوا أيديهم وشرعوا بتدخين غلايينهم وأراجيلهم، وفي تلك الأثناء دعانا الرهبان، الذين كانوا يجيدون الفرنسية والإيطالية والإسبانية، إلى تناول شيء من المأكولات المحفوظة والعصائر التي كانت بحوزتهم·
 
سُمح لنا بعد أن مالت حرارة النهار للاعتدال بالخروج لنتمشى، برفقة أحد حراس مركز الحجر الصحي الذي كان مكلفا بمنعنا من الاحتكاك بالناس·

الصفحات