أنت هنا

قراءة كتاب ماسات رخيصة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ماسات رخيصة

ماسات رخيصة

المجموعة القصصية "ماسات رخيصة" الصادرة عن مؤسسة الرحاب للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
ماسات رخيصة 2
 
بِأي حالٍ عُدت يا عِيدُ
 
أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، وبهذه المناسبة وكـتقليد بروتوكولي اعتدنا ترديده كل عام لنظهر أنفسنا متصنّعين الفرح بـصفاء السِر ونقاء السريرة، أتقدم إليكم بالتهنئة بمناسبة قُرب حلول العيد أعاده الله علينا وعليكم باليُمن والمسـرات، وجولات لا تنتهي من تقطيع الأوصال وقطيعة الأرحام.
 
أوشك شهر الصيام على الانتهاء فهنيئاً لمن صامه وقامه بلا ضغينة أو أحقاد، بلا غيبة أو نميمة، بلا ذنبٍ أو خطيئة، بلا ضررٍ أو ضرار، ولا أظن أحداً كان كذلك إلا من كان طفلاً لا يفقه، أو كهلاً لا يشّره.
 
أما شهري فأعترف بضياعه بالتفكير بـجاري أبو الطيّب المُتردي، ذلك الرجّل الكبير بالسن ذو الوقارِ والوجاهةِ والجاه، لا يعظمها إلا مَن حوله ومِن حولِ مَن حوله فقط، طيب كـطِيب الكيّر بعنفوانه، متواضع لحد الغرور، صادق لدرجة الافتراء، متسامح لحدود الحقد، حسنٌ بكُل شيء قبيح.
 
ومن أجل الابتعاد عن تنزيه النفس وتزكيتها عن مساوئها، أعترف أيضاً بأن لي من العيوب مثلما لـجاري وربما أكثر، إلا أني أجزم بأن ما يُميزني عنه هو الصدق، فلا أكذب ولا أجامل من أجل كسب أحد، على نقيضه تماماً، هو إنسان عاشق للحصول ورفاقه ولو على "جزع نعلِ المديح"، ينفقون الغالي والنفيس من أجل أن يشار إليهم بالبنان، أحَبّوا المظاهر إلى أن أدمنوا علقم كأسها.
 
شاءت الأقدار أن أكون لجاري خصماً، فزرع الشيطان بذرة الشر بيننا وسقاها جاري مجتهداً لتنمو وتكبر، ورعيتها أنا ليلا نهاراً كي لا تذبل، احتفظنا بباكورة غلِنا الكريه، إلى أن تحول لـشجرة عملاقة قطوفها دانيّة، ثمارها شرر يتساقط على رؤوس الوقوف والمارة، نجحنا بتوطيد جذور تلك الشجرة المسكونة بـ "إبليس التاسع عـشر" وأبنائه التسعة عشر.
 
فـكم تمنيت بهذا الشهر موتك يا جار لأسـتبشر بأن العيد سيكون سعيداً، وكم استرقت السمع والنظر إلى بيتك وأنت تُصليّ رافعاً يديك وداعياً عليّ عاجلاً وليس آجلاً بمثلِ ما تمنيتُ لك وأكثر، ولا غرابة بذلك فنحن أعداء ومن الطبيعي أن نتمنى الهلاك لبعضنا.
 
ولكنه ليس عدلاً عندما سمعته بمناوبتي التنصتية التجسسية يدعو الله راجياً ومُتوسلاً أن "يحترق قلبي على من أحب"، هنا الغرابة والاستغراب، كيف له أن يُدخل شركاء جُدد يدفعون بلا ذنب ثمن العدائية الجامعة بيننا؟؟، هل لأن برحيل من نُحب ننكـسر وتضيق بنا الحياة؟؟، أم من أجل أن تشعر بنشوة الانتصار تكون شامتاً على الأقدار؟؟
 
هل أعمى الحقد قلوبنا وحولنا لبشر لا إنسانيين، نهجر من أجلِ همسة، نقتل لخاطر كلمة، نسُب ونقذف ونلعن لـِلا شيء!!؟؟
 
لم يعُد مهماً معرفة كيف أصبحنا وحوشاً ضارية لا تعيش إلا عندما تغرس مخالبها بنفوس الآخرين مستلذة بما تنهشه من لحومهم وترتوي من دمائهم.
 
المهم أني قررت أن لا أكون أقل من غيري، فعزمت على الانتقام واخترت ليلة القدر موعداً لمساواة كفتيّ الميزان، وكان الاستعداد على أتمه لـلدعاء على جاري اللئيم "بأن يحترق قلبه على من يُحب"، بتلك اللحظة التي عزمت بها على العدل انعقد لساني، رجوت الله بأن يحلل تلك العقدة، وللأسف خاب رجائي، عجزتُ عن فِعل ما فعلتَ يا جاري لأن من سيحترق قلبك عليهم سيحرقون روحي إن هم غابوا!!

الصفحات