أنت هنا

قراءة كتاب النفط - والقبيلة - والعولمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النفط - والقبيلة - والعولمة

النفط - والقبيلة - والعولمة

هذه ليست دراسة أكاديمية، ولكنها قراءة عامة تحاول ملامسة الصورة العامة لواقع أقطار الخليج العربية بمنظار المتأمل العادي الذي يشاهد، عن قرب، نماذج تبدو صوراً صغيرة تحتاج إلى تكبير.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 2
صورة عامة
 
رغم المظهر البراق للمدن··والواجهة العصرية للبنى التحتية والمرافق··فإنه عند الغوص في أعماق المجتمع··أو على الأقل تجاوز القشرة المظهرية··والولوج قليلا تحت السطح البراق··تبدو مظاهر وظواهر شتى تستحق التأمل· هذه الساحة كانت قبل برهة من الزمن··غارقة في البدائية والبداوة··بدت وكأنها بين عشية وضحاها··قد خلعت رداء البدائية والبداوة··ولبست رداء الحضارة الجديدة··وولجت إلى العصر من أوسع أبوابه· ورغم ولوجها هذه الساحة··لم تخلع بدائيتها وبداوتها··فهي متأصلة عميقة الجذور··منهجا وسلوكا··ورغم أنها لم تأخذ من الحضارة إلا مظهرها وشيئا من قشورها··ولم تدخل أبواب العصر··ولكن العصر اقتحم عليها أبوابها وأقحمها في نتاج تستقبله ولا تشارك فيه··فإن كل ذلك خلق خلخلة كبيرة·· وازدواجية عظيمة··واختلالا غير مسبوق·
 
لقد كانت قبل برهة تاريخية··خارج العصر··وخارج حركة الزمن وإيقاعه··فأتى إليها العصر··بقضه وقضيضه··بالقوى الكبرى··والأطماع الكبرى··ونتاج القوى الكبرى منذ أن تفجر النفط فيها··فاستقطب الاهتمام··واستقطب الأطماع··واستقطب الشركات النفطية··والشركات المتلهفة للمورد المالي النفطي··والعمالة من أصقاع شتى· وأفاق المجتمع على صخب الشركات وسعارها بعد أن أصبحت هذه الشركات النفطية بإدارييها وعمالها··جزءا من المجتمع··وإن كان معزولا أو آثر العزلة··ووفدت العمالة من كل حدب وصوب للعمل في الشركات النفطية· وعندما بدأت الموارد المالية النفطية تزداد··ويصل بعض فتاتها إلى الشرائح المجتمعية··بدأ استقطاب العمالة··لأعمال خدمية في الغالب··وكان طوفان العمالة الوافدة كبيرا· ولما كانت وافدة من أصقاع شتى··فإنها كانت تحمل معها نمط حياتها وسلوكها وثقافتها··فغدت الساحة أشبه بمعترك لأنماط حياة وسلوك وثقافات متعددة··وفي بعض الأحيان أو أكثرها··غلب طوفان العمالة نسبة السكان الأساسيين القاطنين في الساحة·
 
كانت الشركات النفطية تحمل معها منهجها وسلوكها وثقافتها التي هي نهج وسلوك وثقافة العاملين فيها··وليس بمستغرب أن يكون ذلك كله مختلفا عما ألفه المجتمع· وكان لهذه الشركات قدر من التأثير في محيطها··ومحيطها محدود··والتأثير في حد ذاته محدود··فقد كانت أقرب ما تكون إلى المحميات المحاطة بسياج قوي··وكل ما هو داخل هذا السياج··من مظاهر سلوك وثقافة··هي نفس مظاهر السلوك والثقافة الوافدة مع هذه الشركات الوافدة· بعض الرذاذ المتناثر هنا وهناك حول المحيط··أثر على قدر من المحيط تأثيرا محدودا··وجعل هذا المحيط··يفتح عينيه على مظاهر سلوك وثقافة لم يألفها··ومن هذا المحيط··من جذبه العمل في هذه الشركات··فسنحت له الفرصة أن يطلع على ما خلف السياج··وقلة قليلة جدا··ربما استقرت داخل السياج··ذلك أن الكثرة··عمالة مسحوقة ومضطهدة··وربما كانت أكثر انسحاقا من عمالة وافدة من أصقاع أخرى غير تلك التي وفدت منها الشركات··ومن مستعمرات يركن إلى كفاءة العمالة الوافدة منها التي ربما مثلت الفئة الوسطى··وحظيت قلة ممن في المحيط··بقدر من التعامل التجاري··لـتأمين بعض الاحتياجات للشركات الوافدة··فمثلت طبقة من رجال الأعمال لم تكن معهودة بهذه الصورة في المحيط··أو لم تمارس مثل هذه الأعمال بهذه الصورة من قبل·

الصفحات