أنت هنا

قراءة كتاب النفط - والقبيلة - والعولمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النفط - والقبيلة - والعولمة

النفط - والقبيلة - والعولمة

هذه ليست دراسة أكاديمية، ولكنها قراءة عامة تحاول ملامسة الصورة العامة لواقع أقطار الخليج العربية بمنظار المتأمل العادي الذي يشاهد، عن قرب، نماذج تبدو صوراً صغيرة تحتاج إلى تكبير.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 5
النفط الثروة
 
إن النفط ··كثروة··قد هيأ لأقطار المنطقة فرصة تاريخية للصعود الحقيقي على مدارج التنمية الحقيقية··وهي فرصة نادرة··ولم تتح لغيرها··وكان بالإمكان الاستفادة المثلى من هذه الفرصة··لأنها لن تتكرر··وموردها آيل للنضوب··سواء بعد عقد أو بعد قرن··فحركة التاريخ لا تقف عند عقد أو قرن··والأجيال متواصلة··ومن ثم فإن النظرة القصيرة المدى تعتبر نضوب المصدر بعيدا نسبيا··وأن الأمر لا يستوجب القلق أو الانشغال بمسألة النضوب··وأن ذلك تنظير يحلو للاقتصاديين أو غيرهم أن يخوضوا فيه··وتبدو الثروة وكأنها مرهونة بالحاضر··وأن الحاضر من حقه أن يستنزف الثروة··فهي قد هيئت له··وهو أحق بالتمتع بها··وليس للمستقبل في هذه النظرة القصيرة المدى حضور·
 
إن النفط··ثروة هذا الجيل والأجيال القادمة··ولما كان مصدرا آيلا للنضوب··ربما حتى قبل أن ينضب فعلا··بحكم حضور البدائل أو تطوير تقني سريع بدأت تظهر بعض مؤشراته··فإن تلك الفرصة التاريخية النادرة··تكون قد ضاعت إلى الأبد··ولا ينفع إذ ذاك ندم··ولا العض على أصابع الندم· وإذا كان قسط غير يسير من هذه الفرصة قد ضاع أدراج ما تبدد من قسط من هذه الثروة··فإن القضية المصيرية المتمثلة في الوجود والبقاء··تقتضي تداركا للوضع··وإن جاء متأخرا كثيرا· ومن المستغرب أن أقطار الخليج العربية··مازالت منشغلة كل الانشغال بأسعار النفط··تبتهج كل الابتهاج حين ترتفع أسعاره··لأن ذلك يعني مردودا أكبر··وتسير على نفس السلوك التبديدي·· أو التبذيري ··أو غير السوي وفق منطق التنمية الحقيقية··وحين تهبط أسعاره··تبدو الملامح متجهمة ولكنها تستمر على نفس السلوك إلا قليلا مؤملة ومترقبة أن تعود أسعار النفط إلى الارتفاع··وإذ ذاك تنفق عن سعة·
 
والقضية في مجملها ليست قضية ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط··إنها قضية النفط كثروة··تستطيع أقطار المنطقة أن تبرهن أنها جديرة بها وأنها أهل لها للانطلاق إلى آفاق التنمية الحقيقية وليس قشورها أو مظاهرها أو بعض مرافقها· ويبدو أن أقطار المنطقة مازالت تسير على نفس السلوك مرتاحة له وراكنة إليه· قد يضغط عليها صندوق النقد الدولي··أو زحف العولمة··نحو تحقيق تصحيح اقتصادي··أو تعديل في الهيكل الاقتصادي··أو تحسين في الأداء الاقتصادي والإداري··ولكن ما يضغط به صندوق النقد الدولي··أو منظمة التجارة العالمية··هو ما يصب في مصالحهما ومصالح الدول القائدة لزحف العولمة· لاشك أن فيه فائدة لأقطار الخليج العربية··ولكن ليست استراتيجية حقيقية لتنمية حقيقية شاملة··وهو ما تحتاجه هذه الأقطار قبل أن يفوت الأوان··وتضيع الفرصة النادرة··وتضيع التنمية·

الصفحات