أنت هنا

قراءة كتاب ذائقة الموت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ذائقة الموت

ذائقة الموت

رواية "ذائقة الموت" للشّاعر والرّوائيّ الأردنيّ أيمن العتوم، الصادرة عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، وهي الرّواية الثّالثة له بعد روايتَي "يا صاحبي السجن" و"يسمعون حسيسها".

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

فِي البَدْءِ كانَتِ الرُّؤيَا

على السّور الخارجي مشى بخفّة بهلوان، كان الظّلام دامِسًا، يقطعه خيطٌ رفيع مِمّا تبقّى مِن نورٍ تسلّلَ عبر الأشجار العالية· كان القمر يرسم أيّامه الأخيرة على صفحةٍ كُحليّة· ظلّ يمشي على ذلك السّور الّذي لم يكن ليتّسع لأكثر من قدمٍ واحدة ينقلها بالتّناوب حين يحتاج إلى خطوةٍ أخرى··· لم يدرِ إذا كان قد تدرّب على هذه المِشية من قبل أم لا· ولم يستطع أن يجيب نفسه عن سؤال مُحيّر: كيف استطاع أن يمشي على هذا الجِدار الرّفيع، في قلب الظّلام، مُغمَض العينين، وحافي القدمين···؟! كلّ ما يعرفه أنّ خطواته ظّلت تُبصِر بدلاً منه، وظلّ هو يُتابع السّير···
قرّر أن يفتح عينيه فجأة، فعل ذلك دون أن يُفكّر، حينَ انفتح المشهد أمامه، فغر فاه وابتلع صرخةً كادت تمزّق سكون اللّيل، لولا أنّه عاجلها بوضع يده على فمه، وتدارَكَ جسده قبل أن يسقط من السّور على الصّخور والأشواك··· توازن مرّة أخرى وتابع السّير··· لم يرَ شيئًا واحِدًا يتحرّك، حتّى القِطط والكلاب أوتْ إلى مناماتها، واستسلمت لبعض الدّفء النّاجم عن تكوّرها حول نفسها··· أمّا هو فأحسّ بطائر الطّمأنينة يدخل إلى قلبه على غير عادته، ويبني عشّه هناك··· ظلّ يمشي، صارت خطواته أكثر تصميمًا، وثقة··· زالت عنه بعض غلالات الرّعب الّتي سكنتْه حين فتح عينيه أوّل مرّة، ثمّ ها هو يُحاول أن يحدّق في الفراغ ليلتقط بعض المَخيلات···

الصفحات