أنت هنا

قراءة كتاب نهج البلاغة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نهج البلاغة

نهج البلاغة

نَهْجُ البَلاغَة وهو مجموع ما اختاره الشريف أبو الحسن محمد الرضي بن الحسن الموسوي من كلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 1
مقدمة السيد الشريف الرضي :
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
أَمّا بَعْدَ حَمْدِ اللهِ الَّذِي جَعَلَ الحَمْدَ ثَمَنَاً لِنَعْمَائِهِ ، وَ مَعاذاً مِنْ بَلائِهِ ، وَ وَسِيلاً إلى جِنانِهِ ، وَ سَبَبَاً لِزِيادَةِ إحْسانِهِ ، وَ الصَّلاةِ عَلى رَسُولِهِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، و إمامِ الأَئِمَةِ ، وَ سِراجِ الأُمَةِ ، المُنْتَخَبِ مِنْ طِينَةِ الكَرَمِ ، وَ سُلالَةِ المَجْدِ الأَقْدَمِ ، وَ مَغْرَسِ الفِخارِ المُعْرِقِ ، وَ فَرْعِ العَلاءِ المُثْمِرِ المُورِقِ ، وَ عَلى أَهْلِ بَيْتِهِ مَصابِيِحِ الظُّلَمِ ، وَ عِصَمِ الأُمَمِ ، وَ مَنارِ الدِّينِ الواضِحَةِ ، وَ مَثاقِيلِ الفَضْلِ الرَّاجِحَةِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، صَلاةً تَكُونُ إزاءً لِفَضْلِهِمْ ، وَ مُكافأةً لِعَمَلِهِمْ ، و كِفاءً لِطِيبِ فَرْعِهِمْ وَ أَصْلِهِمْ ، ما أَنارَ فَجْرٌ ساطِعٌ ، وَ خَوى نَجْمٌ طالِعٌ.
 
فإنّي كُنتُ في عُنفوانِ السِنِّ ، و غَضاضَةِ الغُصْنِ ، اِبْتَدَأْتُ بِتأليفِ كتابٍ في خصائصِ الأئمَةِ ( عليهم السلام ) ، يَشْتَمِلُ على مَحاسِنِ أخبارِهِمْ و جواهِرِ كلامِهِمْ ، حَدانِي عليهِ غَرَضٌ ذَكَرْتُهُ في صَدْرِ الكتابِ و جعلْتُهُ أمامَ الكلامِ ، و فَرَغْتُ منَ الخصائِصِ الّتي تَخُصُ أمير المؤمنيَن عَليّاً ( عليه السلام ) ، و عاقَتْ عَنْ إتمامِ بَقِيّةِ الكتابِ مُحاجَزاتُ الأيامِ و مماطلاتُ الزَّمانِ .
 
 
 
و كنتُ قدْ بَوَّبْتُ ما خَرَجَ مِنْ ذلكَ أبواباً ، و فَصَّلْتُهُ فُصُولاً ، فجاءَ في آخِرِها فصلٌ يَتَضَمَّنُ مَحاسِنَ ما نُقِلَ عنه ( عليه السلام ) مِنَ الكلامِ القَصيرِ ، في المَواعِظِ و الحِكَمِ و الأمثالِ و الآدابِ ، دونَ الخُطَبِ الطَّويلَةِ ، و الكُتُبِ المَبْسوطَةِ ، فَاسْتَحْسَنَ جماعَةٌ من الأصدقاءِ ما اشتَمَلَ عليهِ الفَصْلُ المُقَدَّمُ ذِكرُهُ ، مُعْجِبِينَ بِبَدائِعِهِ ، و مُتَعَجِبينَ من نَواصِعِهِ ، و سَألوني عندَ ذلكَ أنْ أبتدئ بتأليفِ كتابٍ يحتوي على مُختارِ كلامِ مَولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، في جميعِ فُنُونِهِ و مُتَشَعَّباتِ غُصُونِهِ ، مِن خُطَبٍ و كُتُبٍ و مَواعِظَ و أدبٍ ، عِلماً أنَّ ذلكَ يَتَضَمَّنُ من عَجائِبِ البلاغَةِ ، و غرائِبِ الفصاحَةِ ، و جواهرِ العَرَبِيَّةِ ، و ثَواقِبِ الكَلِمِ الدِّينِيَّةِ و الدُّنيويَّةِ ، ما لا يُوجَدُ مُجتَمِعاً في كلامٍ ، و لا مجموعَ الأطرافِ في كتابٍ ، إذ كانَ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مَشْرَعَ الفصاحَةِ و مَوْرِدَها ، و مَنشأَ البلاغَةِ و مَولِدَها ، و منه ( عليه السلام ) ظَهَرَ مَكنُونُها ، و عنهُ أُخِذَتْ قوانِينُها ، و على أَمْثِلَتِهِ حَذا كلُّ قائِلٍ خَطيبٍ ، و بكلامِهِ اسْتَعانَ كلُّ واعِظٍ بَليغٍ ، و مع ذلكَ فقََدْ سَبَقَ و قَصَّروا ، و تَقَدَّمَ و تَأخَروُا ، لأنَّ كلامَهُ ( عليه السلام ) الكلامُ الذي عليهِ مَسْحَةٌ مِنَ العِلمِ الإلهي ، و فيه عَبْقَةٌ منَ الكلامِ النَّبَوِيِّ ، فَأَجَبْتُهُمْ إلى الابتداءِ بذلكَ ، عالماً بما فيه مِنْ عظيمِ النَّفعِ ، و مَنْشُورِ الذِّكْرِ ، و مَذْخُورِ الأجْرِ ، وَاعْتَمَدْتُ بهِ أن أُبَيِّنَ عن عظيمِ قدرِ أمير المؤمنينَ ( عليه السلام ) في هذهِ الفَضِيلَةِ ، مُضافَةً إلى المَحاسِنِ الدَّثْرَةِ ، و الفَضائلِ الجَمَّةِ ، و أنَّهُ ( عليه السلام ) انفَرَدَ بِبُلوغِ غايَتِها عن جميعِ السَّلَفِ الأوَّلينَ ، الذينَ إنما يُؤثَرُ عنهُمْ منها القليلُ النّادِرُ ، و الشّاذُّ الشّارِدُ ، فأمّا كلامُهُ فهو البَحرُ الذي لا يُساجَلُ ، و الجَمُّ الذي لا يُحافَلُ .

الصفحات