أنت هنا

قراءة كتاب أنصت إلى ذاتك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أنصت إلى ذاتك

أنصت إلى ذاتك

هذا الكتاب "أنصت إلى ذاتك" الذي ترجمته إلى العربية الكاتبة العُمانية أثمار عباس، هو عن معنى الحياة، لا أكثر ولا أقل عن لماذا نتوق لمعرفة معنى حياتنا؟

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

مقدمة المترجمة

علينا أن نواجه أزمات الحياة بأسلوبٍ فلسفي، وأن نجرؤ على النّظر إلى أعماقنا!
نسمع دائماً بأنّنا أفراد نعيش عالمنا بشكل فردي، ولكنّنا في الوقت نفسه، لا يمكننا اتّخاذ قرار خاص بنا، في الوقت الذي ينبغي علينا أن نعمل ونختار أشياءنا وحياتنا بأنفسنا إلا أننا نجد أن الآخرين هم الذين يختارون ويقررون عنا. هل واجهت نفسك يوماً وعرفت حقيقتها؟ من أنت؟ هل أنت شخص حقيقي أم مزيف؟ أصلي أم نسخة عن الآخرين أم أنك شخص حر؟ هل أنت عميق ممتلئ أم سطحي فارغ؟ ما مدى صدقك مع الحياة؟ هل تشعر بأن اختياراتك في الحياة نابعة من رغبة خاصة في داخلك، أم أنها رغبة الآخرين وأنت تعمل فقط على تنفيذها؟ كم هي النسبة المئوية التي تطبق فيها أراءك الخاصة ووجهات نظرك في الحياة؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كان قد طرحها الفيلسوف الدنماركي سورين كيركيجارد قبل قرن ونصف من الزمن لكنها لم تكن واضحة بما يكفي، والآن يُعيد الكاتب الدكتور تَد هاريس المتخصص بفلسفة سورين كيركيجارد والكاتبة آنّ لاجرستروم ليكتبا عملاً عن كيركيجارد في وقفة تأمل لمدة عام، هكذا قام الدكتور هاريس بتفسير أفكار كيركيجارد والعمل على تأويلها لتلمس حياة إنسان اليوم والاقتراب من روحه، كما قامت الكاتبة آن لاجرستروم بتدوين تلك التفسيرات وتقديمها إلينا في هذا الكتاب. "أنصت إلى داخلك"، كتاب جديد بترجمات جديدة لتلك الفلسفة -القديمة-الحديثة- التي تحدث عنها كيركيجارد، إنها فلسفة تحفز الروح وتحثها على الإنصات إلى داخل النفس لمعرفة أسرارها وكينونتها.
حسب فلسفة كيركيجارد يستطيع المرء أن يمر بثلاث مراحل للتطور في حياته، المرحلة الأولى وهي المرحلة الحسية: في هذه المرحلة تقف المادة لتصبح مركزاً كبيراً لاهتمام الإنسان، فهو يعيش حياة حسيّة، مادية منذ لحظة ولادته، لحظة تذوقه حليب الأم حتى بلوغه سن الأربعين أو ما بعدها، عندها يكون قد وصل إلى تحقيق الكثير من أهدافه في الحياة، عاش، جرّب، قام بتحقيق أحلامه وأمنياته لكنه رغم كل ما توصل إليه ، إلا أنه يشعر بعدم الراحة وأن إحساساً مفاجئاً بفراغ هائل يعتصر روحه، وتراوده أفكار غير واضحة تنخر داخله، فيشعر بهدوء داخل نفسه ويخفت اندفاعه نحو الأشياء ويبدأ يتساءل: ما هذا الفراغ الهائل الذي يجتاح روحي رغم كل هذا الذي أملكه الآن؟ لماذا أشعر بالوحدة رغم وجود كل هؤلاء القريبين من حولي؟ ماذا أصنع كي تمتلئ روحي؟ إن كل الأشياء التي جمعتها وكل هذه الحياة التي أحياها ليس لها أي معنى، إنها لم تسدّ حاجة في نفسي؟ هنا ستكون بداية الطريق لدخول المرء إلى المرحلة الثانية التي أطلق عليها سورين "الجوّانية" من هنا يبدأ بالتفكير ويحاول أن يفهم ذاته فيتساءل: من أنا؟ ما المعنى من حياتي؟ وتبدأ رحلته في البحث عن حقيقة كينونته فيسعى للمعرفة والحكمة ويحاول بذل كل جهد ليفهم ذاته ويكون أكثر وضوحاً مع نفسه ليصل إلى تحقيق ما يمكن تسميتها بالجوّانية.
يقول كيركيجارد إذا رغبت في أن تكون جوّانياً عليك أن تجرؤ وتري نفسك الحقيقية: هل أنت خائف؟ يسأل كيركيجارد في الجزء الأول من كتابه "إما أو": ممّ تخاف؟ لن تتحول إلى شخص آخر، لا، وإنما ذلك الشخص الذي تتعرف إليه هو أنت نفسك! انتظر قليلاً ربما ستشعر بالفرح والدهشة الرائعة عندما ترى نفسك وكأنك إنسان آخر يُولد من جديد!.
لطالما أحببت ذلك الإنسان الحقيقي الذي لا تخدعه المظاهر ولا ينقاد وراء اختيارات الآخرين وآراءهم، هذا الشخص الذي يعيش حياته بصدق كامل سواء أمام نفسه أو أمام الآخرين فمهما كانت طريقته الحياتية وكيفما كانت اختياراته طالما كانت صادقة ونابعة من أعماق روحه فأنا احترمها، لقد أحببت دائماً ذلك الشخص الذي يمحص ويستغور داخله ويستطيع أن يقرر ويعرف؛ وبالتالي يفهم ما تحتاج إليه روحه وما لا تحتاجه. إن الأمر لجميل لكنه صعب في الوقت نفسه، ففي فلسفة كيركيجارد كل شيء يكون صحيحاً لمجرد أنك تستمع إلى داخلك وتختار بعناية فائقة ما الذي تريده.
بعد المرحلة الجوّانية وبعد أن يتعمق المرء في ذاته وفي الحياة تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة وهي المرحلة الروحية، المرحلة الصعبة التي لم يستطع أي إنسان الوصول إليها بسهولة حتى أن سورين كيركيجارد كتب يقول أنه لم يستطع التعمق فيها لكنه تمكن من إدخال جزء بسيط من أنفه فقط وخرج منها، واكتفى بأن يعيش الحسيّة والجوّانية، أن يقرأ ويكتب الفلسفة وأن يحب كل شيء وكان هذا كافياً بالنسبة إليه.
ربما كان صحيحاً كما قال البروفيسور لارستونستام: أنه عندما يكبر الإنسان ينتظم كل شيء من تلقاء نفسه فتتراجع الأنا تلقائياً ويبدأ المرء بفهم نفسه فهماً عميقاً حتى ليشعر وكأنه جزءٌ من طاقة الينبوع الجاري أو أنه كشجرة وارفة الظلال تطرح الأوكسجين لتمنحه الحياة، إذا وصل الإنسان إلى هذه الحال يكون قد ذهب في طريقه نحو المرحلة الروحية.
لكي تصبح مثل كيركيجارد عليك أن تفكر ملياً في تفاصيل حياتك اليومية وتعكس أفكارك وما تؤمن به في تصرفاتك وتعاملك مع نفسك أولاً قبل الآخرين، يقول كيركيجارد:
-على المرء أن يعبّر بصدق عما يريد وذلك عبر اختياراته اليومية البسيطة، أن يختار بصدق تام من تلقاء ذاته ما الذي يرغب في أن يقوم به لا أن يفعل ذلك لمجرد أنه متأثر بشخص أو آخر أو يكون منقاداً لرغبة الآخرين..
أن تتصرف بأسلوب كيركيجارد في حياتك عليك أن تتعامل وتأخذ نفسك والآخرين إلى أقصى حد من الجدية والاحترام، أي أن تتعامل مع أهلك وأصدقائك، جيرانك ومن أصغر بائع في السوق إلى جميع البشر بالاحترام ذاته الذي ترغب أن يعاملونك به، كي تطبق فلسفة كيركيجارد عليك أن تبقي على آرائك وعلى القيم التي تؤمن بها من أعماقك وأن تستند إليها ولا تبدلها ولا تفتخر بها أمام الأصدقاء والآخرين، يقول كيركيجارد : من السهل جداً الانقياد وراء الآخرين لكن الأصعب هو أن تستمع إلى صوت قلبك، قف على قدميك واكتشف وجودك الفريد الخاص بك.
سورين كيركيجارد 1855- 1813
فيلسوف ومؤلف ومفكر لاهوتي دنماركي، وهو ابن لأحد الرجال الأثرياء في كوبنهايكن، بدأ دراسته في علم الأديان ليصبح كاهناً لكنه في عمر مبكر اجتاحه القلق وعذبته الشكوك فقضى حياته يبحث عن معنى الحياة، لقد فهم الحياة والوجود وأصبح بعد ذلك عراباً لمذهب الوجودية في الثقافة الغربية كلها. لم تحظ أفكار كيركيجارد بشعبية آنذاك لكن تم اكتشاف كتاباته الفلسفية عام 1900 من قبل المفكرين مارتن هايدغر وجان بول سارتر. من أهم أعماله: مفهوم القلق، إما أو، مراحل في طريق الحياة، والخاتمة غير العلمية.
أثمار عباس
مسقط/ عُمان
"كل إنسان... لديه احتياج ما، ومن
الطبيعي أن يحصل عليه، أن تكون له
فلسفة، مفهوم ما عن الهدف والمعنى
الحقيقي من حياته"
من كتاب "إما أو" سورين كيركيجارد

الصفحات