أنت هنا

قراءة كتاب الكويت من النشأة إلى الإحتلال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الكويت من النشأة إلى الإحتلال

الكويت من النشأة إلى الإحتلال

هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء تتناول في مجموعها تاريخ الكويت السياسي منذ النشأة حتى نهاية العام 2012، ويتحدث هذا الجزء عن الفترة الممتدة من بداية وصول العتوب (آل صباح) إلى القرين (الكويت) في السنوات الأولى من القرن الثامن عشر إلى ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مدخل

لم يكن يشعر بالوقت يمر من حوله، والسنوات تتراكض بجانبه، تطرق نوافذه دون أن ينتبه لها، فقد أشغل نفسه بالأحداث المتزاحمة، وتطوراتها المتسارعة، فهذا احتقان داخلي، وذاك صراع إقليمي، وآخر هناك إسلامي، ومؤتمر هنا قومي، فيعقبه انهيار عالمي، كلها تشغله، ولا تنشغل به، فقد جنّد نفسه للتفاعل معها، وهي لم تستأذنه، هكذا مرت حياته، بين فعل هنا، ورد فعل هناك، حتى نسيَ نفسه، ولم يعد يعرفها، بل إنه لم يهتم بالاقتراب منها، فهو لا يرى نفسه، ولا يشعر بقيمتها، بعيداً عن مرآة الأحداث المتزاحمة، وتطوراتها المتسارعة···
مع مرور الأيام، والرضوخ لعوامل السن، أصبح يتلقى ضربات الزمن، يستقبلها من حيث لا يعلم، فيرتفع ضغط دمه حيناً، ويتكاثف سُكّره أحيانا، فيشترك قلبه بالحفلة ويضطرب، تعب من تخاذل أعضائه، بعد أن أتعبها بملاحقة الأحداث، وصار أسيراً للأمراض المتزاحمة، وتطوراتها المتسارعة، يهدأ رأسه، فتشتعل معدته، يستقر ظهره، فتتشنج رقبته، أخباره سيئة، ولا يبتسم حظه، فلم يعد أمامه سوى زيارة الطبيب···
احتار فيه الطبيب، واحتار هو مع الطبيب، فقائمة العقاقير طالت، ومواعيد جرعاتها ازدحمت، فهذا أنسولين للسكر، وذاك ديوفان لضغط الدم، وبعدها أسبرين للقلب، إضافة إلى مدرات البول المزعجة، فهو لم يعد قادراً على النوم بسبب حاجته المستمرة لزيارة بيت الراحة، ولهذا قرر التوقف عن تعاطي الدواء، حتى حل به البلاء···
مر الأسبوع الأول بهدوء، لكن الهدوء لم يتغلب على الأسبوع الثاني، فضاق صدره في الليل، واختنقت أنفاسه، تسارعت حركة قفصه الصدري في البحث عن جزيئات الأوكسجين، هب قلبه مزمجراً، يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، تسارعت دقات قلبه، الذي اجتهد للسيطرة على الأوضاع، يضخ الدم هنا وهناك، بلا جدوى، تصاعد ضغط دمه، وتجاوزت ضربات قلبه المئة وستين ضربة··· في الدقيقة···
أخذ وعيه بالاعتدال، وأصبح من الصعب إبقاؤه على وعيه، فسقط مغشياً عليه، وجاءت الإسعاف لنقله، وفي الإنعاش أهبطوا جسده، فهبط معه قلبه، دخل عليه الأطباء، تربكهم ربكة قلبه، ما بال هذا الرجل، وما بال جنون ضغطه، يداعب السقف ويتجاوزه، تارة 200، وتارة 250، أما النبض، فيتأرجح بين مئة وخمسين مرة، ومئة وستين مرة، تزاحمت الأحداث على الطبيب، وتسارعت تطوراتها، فلم يفحص صاحبنا، ولم يسأل عن تاريخ مرضه، فلم يرَ قائمة الدواء، ومواعيد جرعاتها المتزاحمة، فأصبح أمامه حل واحد للسيطرة على دمه، وسط الأحداث المتسارعة···
طلب له الأندرال، ليضع حداً لضغطه، حاول قلبه المقاومة، وكافح ليستمر في أداء مهامه، إلا أن العِقار انتصر، فانسحب القلب من المواجهة، وهبط الضغط إلى السبعين، ومنها إلى عشرين، ثم ارتفعت الراية البيضاء، واستوت القراءة على الشاشات، خطوط مستقيمة لا تتوقف، تعلن عن نهاية المعركة، وسط تزاحم الأطباء، ودوران الأحداث المتسارعة···
تشبه حالة الكويت حال هذا المريض، فمنذ النشأة وهي تنهك نفسها بالأحداث المتزاحمة، وتطوراتها المتسارعة، حتى تكالبت عليها الأمراض المزمنة، ومع كل مرض يأتي الدواء، ومع كل دواء تأتي أعراض جانبية، يضرب كل منها الآخر، صراع إقليمي، وانقسام داخلي، فضياع حكومي، وانفلات أمني، أصبحت البلد حلبة، يضرب كل من فيها من فيها، وعند اللجوء إلى الطبيب، يسارع بوصف المزيد من الدواء، دون أن يفحص، دون أن يُشخِّص، دون أن يقرأ تاريخ المريض، متى نشأ، وكيف ترعرع، وما هي التجارب التي مرّ بها، وما هي الأدوية التي حاول أن يعالج نفسه بها، بماذا استفاد، وبماذا زاد سوء أحواله سوءًا···
هذا الكتاب، ببساطة، هو الملف الطبي للكويت، سيجد فيه الطبيب كل ما يتعلق فيها، متى نشأت، وكيف ترعرعت، وما هي العوامل التي ساهمت في ازدهارها، ثم العناصر التي داومت على تهديدها، سواء جاءت من الخارج، أو كان من الداخل انتشارها، منذ أن كانت قرية، وأصبحت مدينة، فحولتها الأقدار إلى دولة، تحديات كل مرحلة، ومميزاتها أيضاً···
معرفة هذا التاريخ، وقراءة هذا الملف، ستوفر على الطبيب إعادة اكتشاف العجلة، وإعادة وصف الأدوية الفاشلة، فهنا ستقرأ عن المرض، وستعرف من أين بدأ، وكيف تفاقم، حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم، وبهذا يتسنى لك فحص الأسباب قبل النتائج، الجذور قبل الفروع، ليكون تشخيصك أكثر دقة، وعلاجك أكثر فاعلية···
أما ما يميز الكتاب عن غيره من الكتب - المختصة في تاريخ الكويت السياسي - فهو الآتي:
1- تتخصص أغلب كتب التاريخ بمعالجة فترات أو أحداث محددة، أما هذا الكتاب (بأجزائه الثلاثة) فيغطي تاريخ الكويت السياسي منذ وصول العتوب (آل صباح) إلى القرين في العام 1701م إلى نهاية العام 2012م، وهي فترة لم يغطها كتاب آخر·
2- يتميز الكتاب بتناول الأحداث بالتسلسل الزمني لحدوثها بدلاً من التسلسل الموضوعي الذي تتبناه الكتب الأخرى، وهذا ما سيسهل على القارئ فحص الأحداث وفق منظومة الفعل ورد الفعل، أيضاً يساهم هذا الأسلوب في تقليل عملية تكرار الأحداث، فنتجاوز بذلك إصابة القارئ بالملل·
3- إمكانية قراءة الكتاب كاملاً، أو قراءة كل فصل على حدة، فالفصول ترتبط تاريخياً، إلا أن كل فصل يعالج مرحلة مستقلة عن المراحل الأخرى·
4- يركز الكتاب على الحدث دون إلحاقه بتعليقات الكاتب وتحليلاته، حتى لا يفسد على القارئ متعة التحليل والاستنتاج الذاتي·
5- رغم اختصاص الكتاب في تاريخ الكويت السياسي، فإنه يركز أيضاً على الأحداث العالمية والإقليمية ذات الانعكاسات المحلية، وبذلك سيطلع القارئ على الأبعاد المحلية للحدث الإقليمي، والأبعاد الإقليمية للحدث المحلي·

الصفحات