أنت هنا

قراءة كتاب نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة

نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة

كتاب "نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة"، كتاب نقدي للأكاديمي العراقي د. نجم عبد الله كاظم، صدر عام 2013 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وحول كتابه الجديد يقول  د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

( 4 )

انطلاقاً من هذا كله وبناءً عليه، جاءت خطة كتابنا الذي بدأناه، بعد هذه المقدمة، بالتمهيد الذي تناولنا فيه (النزعة الإنسانية في الأدب) كونها أحد منطلقاتنا في الدراسة· ولانحسار الكلام فيها في السنين الأخيرة، فقد كان كلامنا تفصيلياً بعض الشيء· وأتبعناه بوقفة قصيرة عند ما نرى أن لها هامشاً من العلاقة الموضوعية، وليست النوعية، بالنزعة الإنسانية، نعني طروحة إدوارد السعيد، والفرضية التي بنيناها عليها، ونظرية ما بعد الأستعمار وكان من الممكن لنا أن نضمّ موضوعاً آخر للتمهيد، لولا احتلاله حيّزاً كبيراً بعض الشيء من جهة، وعلاقته المباشرة بموضوع الكتاب، الآخر الغربي، من جهة أخرى، فجعلناه موضوع الفصل الأول· ذلك هو تاريخ (لقاء الشرق والغرب والمواقف العربية منه)، نعني بهذا المواجهة أو اللقاء ما بين العرب أو الشرق والغرب، كما تم على أرض الواقع، وما نتج عنه من مواقف عربية مختلفة منه ومن الآخر الغربي، لنتناول، بعد ذلك وتبعاً له، تعامل الرواية العربية مع هذا اللقاء، في الفصل الثاني الذي سيكون (رحلة الرواية العربية مع الآخر) وفيه استعرضنا تاريخ تناول الرواية العربية للآخر وأشكاله ومنطلقاته وطبيعته وأهم الروايات التي تناولته إلى ما قبل العقود الثلاثة الأخيرة، وكان هذا غالباً بالاعتماد على مَن كتب في الموضوع وتناول تلك الروايات أكثر من الاعتماد على قراءاتنا نحن لها· وأتبعنا كل ذلك بتوقف عند روايات هذه العقود الثلاثة، وهو توقف عام وغير تفصيلي كوننا سندرسها تفصيلياً في فصول الأطروحة التالية·
لأن عموم الصور التي رسمتها الأعمال الروائية العراقية، أو التي يمكن أن ترسمها أعمال أي فن بل حتى الأفراد للغرب والغربيين لا بد أن تتوزع، على اختلاف الأشكال التي تكون عليها، إلى صور سلبية وصور إيجابية، كان منطقياً عندنا أن يأتي الفصلان التاليان ليعنيا بهذين القسمين أو النوعين من الصور، وتحت عنوانَي (صور الغرب الاستعماري والعنصري) للفصل الثالث وفيه سنتناول، ضمن ما سنتناوله، صورة الأمريكي القبيح، و(صور الغرب المتحضر والإنساني والصديق) للفصل الرابع، وفيه سنتناول، ضمن ما سنتناوله، صورة أمريكا الحلم·
واستكمالاً لصور الغرب والغربيين، وبغض النظر عن سلبية هذه الصور أو إيجابيتها، وجدنا من المهم أن نفرد لصور آخرى فصلين آخرين، وذلك لسعة ما احتلاه من مساحات في الروايات، ولعلاقتهما باستكمال الصور، كما قلنا، من جهة، ولأهميتهما في التعبير عما نريد الوصول إليه مما تُعنى به دراستنا بشكل أساس من جهة أخرى· هذان الفصلان هما (صور المرأة الغربية) للفصل الخامس، و(الناس والحياة في الغرب·· صور ومقارنات) للفصل السادس، وفي هذا الأخير، سنقوم فيه بإجراء بعض المقارنات بين الغرب والشرق·
وعلى كل ما مرّ تقريباً نبني الفصل السابع/ الأخير (نحن والآخر·· تواصل أم انقطاع؟)، قبل أن نبني، في الوقت نفسه، على ذلك أيضاً وعلى هذا الفصل بشكل خاص، الخاتمة· ففيه تناولنا مستويات علاقات العرب بالآخر الغربي، كما يمكن استنباطها من الروايات المدروسة نفسها، أو كما تفترضها تلك الروايات، وقد توحي بها وتستشرفها، وفق قراءاتنا لها، وهو الاستشراف الذي سيشكل، في النتيجة، جل خاتمة الدراسة (نحن والآخر·· إلى أين؟)· كما سنحاول في هذا الفصل وهذه الخاتمة أن نرى ماذا سيعني إسقاط ما تمثله الصور التي يرسمها الروائيون للغرب، وإنْ بدرجةٍ، على رؤية العرب له وربما استشرافهم لمستقبل العلاقة به· وهذا يجب أن لا يعني، بالطبع، أن هذا الاستشراف سيكون صحيحاً بالمطلق ولا خاطئاً بالمطلق· هو في كل الأحوال سيكون مهماً وهو يمثل رؤى فئة مهمة من الناس، هم الروائيون أنفسهم، وإلى حد كبير الناس الذين يمثّلونهم، بدرجة ما، وينطلقون من معايشتهم لهم مؤثّرين ومتأثرين بالظروف والزمن والوقائع، كالاستعمار، والصراع الحضاري، والصراع العربي الإسرائيلي مثلاً، مع كل ما يترتب عليها من رؤى عربية مصيبة وخاطئة عن الغرب· وفي هذا يقول أحد الدارسين: بمعزل عن السياسات الغربية السيئة، لاسيما تعلقاً بالصراع العربي الإسرائيلي، كان سوء الحكم العربي في حقبة ما بعد الاستعمار وما بعدها إلى الوقت الحاضر مسؤولاً عن إفراغ النموذج الغربي من الكثير من محتواه الأصلي، لتكون النتيجة رؤية قد تفتقد الدقة للغرب· وإذ ستكون هذه رؤية مستنبَطة من الروايات، كما قلنا، فإنها من جانب آخر رؤيتنا نحن الشخصية ما يجعلها اجتهاداً، ولكنه اجتهاد مبني على التناول النقدي العلمي للروايات المدروسة· بعبارة أخرى، ومع اعترافنا هنا بأن كل ما توصلنا إليه تعلقاً بذلك سيبقى يحمل من الاجتهاد ما تحمله كل دراسة، أن ما تعرضه دراستنا من نماذج الشخصيات والتعامل الفني والموضوعي معها، كما وردت في عدد من الروايات العربية، لهو سندنا في القول بما سنقوله، وفي الخروج بما سنخرج به، وفي اجتهادنا الذي سنجتهده·
استكمالاً للفائدة، التي نأمل أن يقدمها كتابنا للقراء والباحثين، لاسيما من المعنيين بالموضوع، ألحقنا به مسرداً بما وصلت إليه أيدينا وبحثنا من الأعمال الروائية العربية التي تمثّلت الآخر وعُنيت به وبعلاقاتنا (نحن) به· وهنا يجب أن نشير إلى أننا تحمسنا لتقديم هذا المسرد، حين فوجئنا، بعد عقود طويلة من الكتابة التي تتمثل الآخر روائياً وقصصياً، بمن قد لا يعرفون الكثير عن حجم هذا النتاج ونوعه وأشكاله وتعدد رؤاه· بل إن أحد الكتّاب لا يعرف أن هناك المئات من الروايات والقصص التي استحضرت الآخر الغربي، أو اتخذت من المدن الأوروبية ميداناً لحوادثها، فيقول: يذكرنا عنوان رواية الكاتبة اللبنانية حنان الشيخ الجديدة إنها لندن يا عزيزي بضآلة الاعمال القصصية العربية التي تتخذ من المدينة الأوروبية ميداناً لحوادثها ومن العلاقات التي تسود فيها موضوعاً·
بقي، تعلقاً بما استفدنا منه من مصادر ومراجع اعتمدناها في استنباط ما استنبطناه وتبنّي ما تبنيناه وإثارة ما أثرناه من تساؤلات، في عملنا البحثي هذا والوصول إلى نتائجه، وهي جميعاً سندرجها بالطبع في قائمة (المصادر والمراجع)، نرى من الواجب أن نعبر عن الشكر والتقدير لمؤلفيها من روائيين ودارسين وأكاديميين ونقاد· فهم جميعاً أصحاب فضل علينا نقر به، ونشير بشكل خاص إلى كل من الروائيين الطيب صالح وسحر خليفة وصنع الله إبراهيم ومحمد أزوقة ومهدي عيسى الصقر وميسلون هادي وناجي التكريتي، والنقاد والباحثين إدوارد سعيد، وجورج طرابيشي، وحسام محيي الدين الآلوسي، ورشيد العناني، ومحمد راتب الحلاق· وما كان لي أن أتجاوز، في هذا الشكر، الصديق البروفيسور كيرد نونيمان من معهد الدراسات العربية الإسلامية بجامعة إكستر، الذي كان على رأس من هيأوا لي عندهم أفضل ظروف العمل في بحثي·
أخيراً نتمنى أن يسهم هذا كله في رفد الدراسات الخاصة بموضوع (نحن والآخر) في المكتبة العربية، والله من وراء القصد·
أ د· نجم عبدالله كاظم
إكستر - المملكة المتحدة - 2011

الصفحات