أنت هنا

قراءة كتاب نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة

نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة

كتاب "نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة"، كتاب نقدي للأكاديمي العراقي د. نجم عبد الله كاظم، صدر عام 2013 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وحول كتابه الجديد يقول  د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

لقاء الشرق والغرب والمواقف العربية منه

من جديلة النسيج الاجتماعي الذي يضم الأنا والآخرين تتحدد صورتنا عن أنفسنا، وتتحدد صورة الآخرين أيضاً·
رجاء عيد

( 1 )

قبل الخوض في موضوعنا، من الضروري علمياً ومنهجياً توضيح أمر، لعله مُدرَك ضمنياً، ذلك هو تداخل ثلاث تسميات أو مصطلحات يرد استخدامها في مثل هذا الموضوع، وفي موضوع الاستشراق تحديداً، تلك هي (العرب، والإسلام، والشرق)· وإذا كان الاستخدام العلمي لها في الاستشراق يفرض التفريق بين كل منها والآخرَين، فإن دلالة الواحد منها، في موضوعاتنا، كثيراً ما تعني دلالة الآخرَين أيضاً· وعليه لنعترف بعدم إمكانية تجاوز مثل هذا التداخل ودلالة المصطلحات الثلاثة على شيء واحد في كثير من الأحيان، ونحن نتعامل في كتابنا مع (العرب) تحديداً، أو الذات العربية· أما (الآخر)، فمع دلالته الشاملة على كل من هو غيرنا نحن الشرقيين أو المسلمين أو العرب، فإننا نعني به (الغرب) تحديداً، وذلك لخصوصية علاقتنا به، فنحن، لا نستطيع في معرض الحديث عن الذات العربية أن نتجاهل هذا الآخر/ الغرب، سواء بوجهه الإيجابي أو السلبي·
وتعلّقاً بالذات، نعي جميعاً العاطفية التي كثيراً ما تدفع العربي، كما يمكن أن تدفع أي إنسان يتصف بها تقريباً، إلى تصور الآخر، غربياً أم غير غربي، بهذا الشكل أو ذاك، وإلى تبني المواقف منه، أو إلى الفعل معه· وإذ نعي وجود هذه العاطفية فإننا لا يمكننا تجاوزها تجاوزاً تاماً، ولكننا ننتظر من نخبة المفكرين والمثقفين، والأدباء منهم بالطبع، إخضاعها بدرجة ما للعقل والمنطق في علاقتها بالموقف من الآخر وفي ملاحقتها للأمور المختلفة المتعلقة بذلك من أحداث ووقائع وشعوب وتعاملات وصراعات وحوارات· بتعبير آخر نحن ننتظر لا إلغاءَ لها، كما يدعو البعض، بل إلى إلحاقها بالعقل، وما بين هذا وذاك فرق جوهري· فالإلغاء يتناقض مع الواقع، إذ يعني إلغاء خاصية مهمة من خصائص الشخصية العربية، هي ليست بالضرورة سلبية كما يروّج البعض، وبما يعني مسخاً بدرجة أو بأخرى لجزء مكوّن من هذه الشخصية· وأعتقد أن غير قليل من المفكرين والكتاب والسياسيين والناس العاديين، ونحن منهم، لا يستطيعون تنفيذ هذا الإلغاء أو تجاوز هذه الخاصية، إنْ لم نقل يرفضونه· والواقع ونحن نخوض موضوعَ رؤيةِ العربي للآخر وعلاقته به، ليست هذه العاطفية هي تحديداً التي تشكّل الرؤية العربية للآخر الغربي، بل بظننا أن ثلاثة عوامل رئيسة- قد تتفرع بدورها إلى عوامل ثانوية- كانت مدةً طويلة وراء التصور المطلق أو شبه المطلق في سلبيته لهذا الآخر كما شاع في أذهان الغالبية الكبيرة من العرب، ووراء هيجان عاطفيتنا إيجاباً وسلباً· لكن العاطفية في كل ذلك تحضر، بدرجة أو بأخرى· هذه العوامل هي:
العامل الأول: هو حقيقة الغربي ذاته، في طبيعته ورؤيته وفعله وما يصدر عنه تجاهنا من أعمال ومواقف عدائية أو غير ودية (not friendly)، على حد التعبير الإنكليزي، على الأقل من خلال من احتك العرب بهم من الغربيين الذين هم غالباً رجال حرب واحتلال·
العامل الثاني: هو محدودية احتكاك العربي عموماً بالغرب، في أوقات بعينها يتعرض فيها الفرد أو الجماعة، التي تكوّن التصوّر عنه، لتأثيرات، سياسية غالباً، موضوعية وغير موضوعية·
العامل الثالث: هو ما قد يكون ناتجاً عن العاملين السابقين، وهو ما قد نعبر عنه بالشعور بالنقص، وربما الدونية، عند الكثير من العرب، تجاه الغرب، والذي قادهم إلى تصور هذا الغرب، ثم تصويره في الخطاب الثقافي العربي، كما أراد أو يريد وعيهم ولا وعيهم أن يكون، وبشكل مشابه لذلك الذي كشف عنه أو تبناه إدوارد سعيد في توصيف الغرب في الخطاب الاستشراقي للشرق·
ولنتوقف في ما سيأتي عند كلِّ من هذه العوامل لنرى كيف عملت وتعمل·

الصفحات