أنت هنا

قراءة كتاب فراغ مليء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فراغ مليء

فراغ مليء

كتاب "فراغ مليء"، للكاتب العراقي محمد خضير، يقول عن كتابه هذا الأديب الدكتور مأمون فريز جرار، "يمضي محمد خضير في مسيرته، يركب أجنحة الحروف ليطوف بنا في عالم من الأمل والألم، يصوّر الواقع بالكلمة وبالصورة، وإن يكن فيه بعض الظلمة، لكن ملامح الفجر ترتسم على ال

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1

فتاةٌ مِنْ طُوباس

السبت، 3 شباط، 2007- أبو ظبي
دَعونا نطوِ ما بَقِيَ لَنا مِنْ سجلِّ رجولةٍ مُفْعَمٍ بالآثامِ، وَنَختَبِئْ خَلْفَ سِتـارِ رُجولةٍ متهتّكٍ أَمَلاً بنَجاةٍ أخيرةٍ تُنْقِذُنا مِنْ ذاتِنـا النّاقِصَةِ، ومِنْ بقايا أزلامٍ يتّشِحونَ ببنادقَ تُطلِقُ للخَلفِ، وحرّاسٍ للسجّادِ الأحمرِ خوفًا من رائحةِ انقلابٍ تَلوحُ بالأفقِ!.
ففي ذات اللَّحظةِ: تَخْرُجُ مِنْ أنْقاضِنا فتاةٌ مفعَمَةٌ بالأحلامِ، اقتصَرَ حُلُمُها علىَ عَمَلٍ بطوليٍّ قادَها للمجدِ ولِلفَخَارِ، وقادَنا نحنُ المتخاذلينَ إلى دَرَكٍ أسْفَلَ مما نَظُنُّ ونَدّعي. فتاةٌ عُمْرُها تسعةَ عشرَ ربيعًا، وقَلبٌ غَضٌّ، فضَّلتْ تُرابَ الأرضِ على حِنّاءِ العُرْسِ، وأقسَمَتْ على ذاتِ الشّوكةِ والجِهادِ فكانتْ عَروسَ فِلِسْطِينَ.
غادرتْ بيتَها للمرَّةِ الأخيرةِ باتِجاهِ العَفّولَةِ، وهي تَحْمِلُ في قلبها حُبًّا لنا جميعًا، وحبًّا للَّهِ خَالِقِها.
في الساعةِ 17:20 مِنْ ظُهرِ يومِ (الاثنين) 19- 5 - 2003 كانتْ المجُاهِدَةُ هبةُ على المدخلِ الشرقيِّ لمجمّعِ (هعمكيم) التجاريِّ في مدينةِ العفّولةِ الأسيرةِ.
مَضَتْ بِخُطُواتٍ ثابتةٍ، ورِسالةٍ ما كانت لِتُفْصِحَ عنها إلا عَبْرَ دويٍّ يهُزُّ أركانَ الحناجِرِ! وهناكَ تفجَّرَ الجَسَدُ اليانعُ غَضَبًا علينا، وتبعثرتْ أشلاءُ جنودٍ صَهَاينةٍ، كانوا قابعينَ فوقَ صَمْتِنا وتَخاذُلِنا... لكنْ يبقى السّؤالُ الجاثِمُ على صَدري: لماذا تسيُر فتاةٌ بعمرِ الزّهورِ إلى حَتْفِها طواعيَةً، ونحنُ نهربُ من موتٍ قريبٍ مُلْتصِقٍ بنا داخلَ غُرَفِ الصّمتِ والسّلام؟؟!
صَوْبَ العفّولةِ
والرحلةُ الأخيرةُ:
أنوثةٌ غَضّةٌ
وحُلمٌ بِعُمُرِ الوردِ
قدْ حانَ القطافُ
والوَردُ على آخِرِ رَمَقٍ،
يأتي الموتُ سريعًا
صوبَ الطفولةِ!
فَخُذيني حِزَامًا ناسِفًا
وقُنْبُلَةَ حزنٍ عليكِ،
.. قنبلةَ حزنٍ علينا!
وخذيني طلقةً خجولةً.
هِبَةُ اللَّهِ أنتِ
وقنبلةٌ موقوتةٌ
فانفجري على صَمْتِ الرّصاصِ،
أيَا حُلُمَ طوباسَ *
خذيني أشهدُ اللَّحظةَ الأولى،
وخذيني أُلملِمُ جَمالَكِ
قد نَضِجَ الوردُ..
وحانَ القِطافُ.
فاحملي متاعَكِ
والنَّظْرةَ الأَخيرةَ.
ابتسامةٌ خَلْفَ النّقابِ...
وقَلْبٌ يتسّعُ لنا جميعًا...
يتسّعُ لِحُبِّ اللهِ..
وحبِّ فِلِسطِينَ
يتّسعُ لأُنوثَتِنَا والفُحُولِةْ!
هناكَ: على بُعدِ دَمْعَتينْ
تَبَعْثَرَ الجَسَدُ الغَضُّ
فتمايلَ الإسفلتُ طَرَبًا بالعفّولةِ
وذَبُلَ الوَرْدُ حُزْنًا علينا،
يا هِبَةَ اللَّهِ اعْذُرينا ،
فليسَ ثَمَّةَ نَقْصٌ بالسِّلاحِ
لكنَّهُ النّقصُ في تَمامِ الرُّجولةْ.
*طوباس: مدينة في شمال فلسطين المحتلَّة، وهي مسقط رأس الشهيدة هبه عازم خضير دراغمة.

الصفحات