أنت هنا

قراءة كتاب فراغ مليء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فراغ مليء

فراغ مليء

كتاب "فراغ مليء"، للكاتب العراقي محمد خضير، يقول عن كتابه هذا الأديب الدكتور مأمون فريز جرار، "يمضي محمد خضير في مسيرته، يركب أجنحة الحروف ليطوف بنا في عالم من الأمل والألم، يصوّر الواقع بالكلمة وبالصورة، وإن يكن فيه بعض الظلمة، لكن ملامح الفجر ترتسم على ال

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 4

متشابهون

الاثنين، 13 نيسان، 2009 - عمّان
خرجتُ للتوِّ مِنْ رَحِمِ اللَّيلِ، وأنا أحْمِلُ صَباحًا يَليقُ بي كَشاعِرٍ! وَتَوَجَّهْتُ نَحْوَ المطعمِ المعتادِ. طَلَبْتُ فطورًا يَليقُ بِفَمي، وَبَعْضًا مِنْ شايٍ يُذيبُ ما عَلِقَ مِنْ شِفاهٍ تَخَيَّلْتُها .. ثُمَّ مَضَيْتُ.
كانَ كُلُّ شيءٍ يسيرُ كالمعتاد!
-الطَّوابيرُ الطَّويلةُ شيءٌٍ تَعَوَّدتُّ عليه-
والفطورُ السّابِقُ الذّكْرُ احتاجَ منّي أكثرَ مِنْ ساعَةٍ؛ وأنا أَشْتَمُّ رائِحَةَ أَكْتافٍ عالِقَةٍ أمامي!
طوابير.. طوابير..! وَيْكأَنّي وُلِدتُّ لأكونَ رقْمًا في الزِّحامِ!
يُدْهِشُني مَنْظَرُ العالِقينَ عَلى بابِ المخبزِ (وأقولُ يُدْهِشُني) لأنَّ واحِدَنا يُدْرِكُ أَنَّ الخبزَ أبسطُ الأمنيّاتِ!
.. وَلِكَيْ لا أُطيلَ عَلى مَنْ سَيَهْتَمُّ بِيَوْمي؛ مَضيْتُ مَرَّةً أُخْرى مِثْلَ أَيِّ شاعِرٍ، أَحْمِلُ صحيفةً تافِهَةً «وبذلةً» لا تَليقُ، وَوَقَفْتُ مِنْ جَديدٍ عَلى طابورٍ لِلْقَهْوَةِ، أَرَدْتُّ فَقَط أنْ أمارسَ طقوسَ التَّدخينِ؛ فالشّاعِرُ لا بدَّ لَهُ مِنْ قَهْوَةٍ مُرَّةٍ، ولا بدَّ له من امرأةٍ تُتْقِنُ المراوغَةَ، وبعضًا مِنْ سَجائِرَ! .. حَمَلْتُ قَهْوَتي وجلستُ عَلى أريكةٍ طويلةٍ... جلستُ وَحدي دونهم، وأخذت أتذكّرُ تَفاصيلَ امرأةٍ كنتُ واعدتُّها ذاتَ حُلُمٍ. لَكَنّها أصرّتْ عَلى الغُموضِ وَأَخْفَتْ جَديلَتَها خَلْفَ خِمارٍ أَسْودَ لم يَكنْ يَنبغي ارتداؤه داخلَ حُلُمِ -فالأَحْلامُ تُبيحُ المحظورات- وليتَني أمعنْتُ النَّظَرَ قَبْلَ أَنْ أَصحو!
عُدْتُّ إلى صَحيفَتي كي أَقرأَ شيئًا ما لكاتبٍ ما.. أَفْزَعَني صَوْتُ الهاتِفِ.. ما زالَ الوقتُ مُبكرًا لأَكونَ حاضِرًا في ذاكِرةِ أَحَدِهِم، لكنَّني أَجبتُ المتّصلَ، وَرَدَدتُّ مِنْ فَوْري، قالوا لي: إنّ فلانةً توفّاها اللّهُ. رُغْم أَنَّني أَجْزِمُ أَنَّها مَيِّتَةٌ مِنْ قَبْلُ، وَلَم تُدْرِكْ الحَياةَ!
وَمعَ هذا قمتُ بِالواجِبِ، وَتَوَجَّهْتُ إلى المقبرةِ بِرِفْقَةِ صَديقٍ -لم يفاجِئْني الطّابورُ الطّويلُ هُناك- فَوَقَفْتُ أُمْعِنُ النَّظَرَ إلى الواقِفينَ، وَأُمْعِنُ النَّظَرَ إِلى الأَمواتِ..
.. مُتَشابِهونَ
.. مُتَشابِهونَ.

الصفحات