أنت هنا

قراءة كتاب فراغ مليء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فراغ مليء

فراغ مليء

كتاب "فراغ مليء"، للكاتب العراقي محمد خضير، يقول عن كتابه هذا الأديب الدكتور مأمون فريز جرار، "يمضي محمد خضير في مسيرته، يركب أجنحة الحروف ليطوف بنا في عالم من الأمل والألم، يصوّر الواقع بالكلمة وبالصورة، وإن يكن فيه بعض الظلمة، لكن ملامح الفجر ترتسم على ال

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 8

ليالٍ مظلمة

السبت، 16حزيران، 2007 - عمان
ها قَدْ انْكَفَأَتْ نفسِي على ذاتِها، وَوَقَفْتُ أتلذَّذُ بِطَعْمَ الأَلَمِْ، وأَشنِّفُ آذانِي بِصُراخٍ جديدٍ: مِنْ أكنافِ مخيمِ الشّاطئِ، من العمارةِ والفلّوجةِ، من غزّةَ الصّابرةِ، لا أجدُ مَوْطِأَ قَدَمٍ أقِفُ عليهِ فأَنْعِي نفسي إليْكُم، ولا حِبرًا يليقُ لكتابةِ مأَساتِنا، ولمْ أَعُدْ أدري إلى أينَ أَميلُ!
فِلِسطينُ تُذبحُ بسكّينِ الكراهيةِ، وباتَتْ شَجَرةُ الحقْدِ تَكْبُرُ دَاخل البيّارةِ، والكثيرُ مِنّا يقِفُ خلفَ الطّابورِ حتّى يسقيَ الشّجَرةَ مِدادًا من دمِهِ لِتَكْبُرَ وينضِجَ ثمرُهَا، فالمسألةُ غَدَتْ أكبرَ منْ حُلُمٍ بكرسيٍّ وضيعٍ، أو سِجّادٍ يَحْمِلُ لونَ الدَّمِ لِنَسيرَ عليهِ (بروتوكولًا) يضعُنا في مصافِّ الزعماءِ!
اليومَ لنْ أكوَن حمساويًّا، ولنْ أكونَ فتحاويًّا، بل سأعودُ فلسطينيًّا حدَّ الهزيمةِ، وأقرأُ الفاتحةَ على أرواحِ مَنْ ناضَلوا من أجِلنا وعادُوا شهداءَ، وأعيدُ القضيّةَ إلى مهدِها حينَ كانَ القسّامُ رجلًا بألفِ رجلٍ، وحينَ كانَ الرّمْزُ يَضَعُ سُنْبُلَةَ القَمْحِ في فَمِ البندقّيةِ، وأسحبُ البِساطَ مِنْ تحتِ أقدامِ اللاهثينَ لإرضاءِ اليهودِ وأنْفُسِهمِ؛ فقد غَدَا العدوُّ أكثَرَ استفادَةً منْ تمترُسِنَا خَلْفَ أحلامِ السُلْطَةِ، وَقَدْ تجرَّدْنا حتى صِرْنَا عُراةً أمامَ أنفُسِنا، ولا أريدُ لشهدائِنا أنْ يَلْفِظُونَا منْ داخِلِ التّرابِ، فربَّما لو أعادَهُمُ الخالقُ إلى حياةٍ، لفجّرُوا أنفسَهُمْ بِنَا غضبًا، فكانَ خيرًا لهُمْ من عدوٍّ ظاهرٍ!
فمَنْ يعيُد اليومَ بصيصَ نورٍ لأيّامِنا المُظلِمَةِ، كي لا نجدَ أنفُسَنا وَسَطَ مَحْرَقةٍ تَليقُ بِهم .. ولا تليقُ بِنَا.؟
في المسِاءِ
حينَ حَلَّ المساءُ
جَمَعْتُ جسدِي وأزهارِي
وبقايَا مِنْ أخلاّءٍ
ونزلْنَا جميعًا
في ضيافَةِ مَحْرَقَةٍ
ثمّ أعددْتُّ العزاءَ،
وتربّعْتُ في الخيمةِ الجرباءِ،
وأعلَنْتُ الحدادَ ثلاثًا:
في اليومِ الأولِ
الرجالُ
في اليومِ الثاني
الرجالُ
في اليومِ الثالثِ
نبكي كالنساءِ!
وأُوقِدُ مَحَرقةً أخرى
تَليقُ بِمَنْ يهوى الصّمْتَ
على البندقيّةِ..
ويتاجِرُ بِالأسماءِ
..كثيرةٌ هيَ الأسماءُ!
مَنْ كانَ يُحبُّ الزّعتَرَ
يوضَعُ في القائِمةِ،
(والقائمةُ تخلُو مِنَ النبلاءِ)
مَنْ كانَ يَحْلُمُ بالإِنسانيَّةِ
يوضَعُ في القائِمةِ،
مَنْ كانَ يَحِنُّ للثورةِ
أيضًا على رأسِ القائمةِ
وَأُكَرِّرُ:
(القائِمةُ تخلُو مِنَ النبلاءِ)
يَسْتبيحونَ فُلولَ الإِنسانيّة إِلى جَسَدِي
فنعودُ جميعًا أشلاءَ
فَمَنْ يجمعُ جسدًا وأزهارًا
ويعيدُ للمحرقةِ اللّقاءِ؟؟

الصفحات