أنت هنا

قراءة كتاب رسالة في الختان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رسالة في الختان

رسالة في الختان

لم أكتب هذه الرسالة لأنال بها درجة علمية فقد حصلت على شهادة الدكتوراه في الطب عام 1957، كما أنني لم أكتبها لأكسب ثروة مادية أو شهرة معنوية، بل سلكت منهج من سبقني من الأطباء المسلمين الأوائل فدونت خبرتي في حقل الختان خلال مدة طويلة من ممارستي مهنة الطب العام

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 4
صار يأتيني أولاد في سن المدرسة وشباب قبل الزواج لإجراء عملية الختان ولا يريدون أن يدخلوا المستشفى خوفاً من التخدير العام، وكنت أعتذر، ثم فكرت لماذا لا أجري لهم العملية بالتخدير الموضعي وزيادة على ذلك لماذا لا أجري التخدير الموضعي بمادة «زايلوكائين» الممزوج «بالأدرينالين» أو مشتقاته؛ فدرست كل ما كتب عن التخدير الموضعي ومواده ومحاذيره، فخرجت بنتيجة وهي لماذا لا استعمل ما يستعمله طبيب الأسنان بالتخدير الموضعي «بالارتشاح»؛ إنما هنا لا يجوز تخدير النهايات إذا كان المخدر ممزوجاً بالأدرينالين، ولأن الأدرينالين يقبض العروق فقد يحصل التمّوت «الغنجرينا»، في نهاية العضو المخدَّر، وفائدة الأدرينالين هنا أن أثر التخدير يبقى مدة طويلة وأن الجرح لا ينزف؛ والحذر من دخول الأدرينالين والمخدر في أوردة ظهر القضيب أو الشريان، وكي لا يحصل هذا المحذور عليّ أن أحقن المخدَّر بعيداً عن الأوردة في الأعلى والشريان في الأسفل بل أحقنه في الجانبين تحت الجلد، وعلّي كذلك الحذر أن لا يدخل المخدر في الحشفة أو في الوريد العميق. أما إذا كان الطفل كبيراً فيجب فحص قلبه وضغطه كي لا يكون مصابا بآفة قلبية قد يسيء إليه المخدر الذكور.
أما موضوع «الغانغرين» فلم يكن ذا أهمية، ذلك أن العضو الذي يخشى عليه من الإصابة هو الجزء المقطوع الذي سنطرحه خارجاً أما باقي العضو فلا يصله المخدر.
من الأمور التي كنت أخشاها أن يكون الطفل مصاباً بمرض الناعور «الهيموفيليا» ولذلك عمدت إلى طريقة سهلة وهي أني إذا حقنت المخدر تحت جلد الناحية لتتخدر بالارتشاح ولم يحصل نزف في مكان الوخز بعد عشر دقائق فهذا يعني أن الطفل غير مصاب بمرض نزفي، على أنه في السنوات الأخيرة أصبح من توالي الولادة إعطاء الطفل v:tk حقنة في العضل، أما إذا استمر النزف من مكان حقن الإبرة فهذا يعني اضطراباً في آلية التخثر وأقف عن تتمة العملية وأضغط مكان النزف بقطعة شاش بين أصابعي وأعطيه ½ سم3 v:tk في العضل وأنصح أن يراجع أخصائي أمراض الدم، ومع ذلك فقد وجدت حلاً وقائياً لهذا الأمر وهو أن «لا أطهر» أي طفل إلا بعد الأسبوع الأول من ولادته على الأقل إلا إذا كان مضطراً لإجراء الختان خلال الأسبوع الأول كما لو كان الطفل سيسافر إلى الغرب بعد يومين من ولادته، فكرتُ كذلك في أن عملية الختان تُجرى على المسلمين منذ أكثر من ألف سنة، فلو كان الطفل مصاباً بالناعور لمات من جراء الختان ولذلك فإن هذا المرض غير موجود وبشكل ملفت للنظر عند المسلمين، أما الطفل المسيحي فإني أحقن المخدر وأنتظر مدة 15 دقيقة لألاحظ إذا حصل نزف شديد أو لا، فإذا حصل فأقطع النزف ولا أجري الطهور. على أنه وقد كنت أجريت ما يزيد على 65 ألف طهور لم أجد هذه الحالة إلا عند ثلاثة أطفال اثنان منهما عند المسيحيين وواحد عند المسلمين، بعد ذلك صرت مطمئنا لإجراء عملية الختان التي أجريتها بمختلف الطرق وحسب الحجم فمنها ما يلزم خياطة الجرح وذلك عندما يكون العضو صغيراً جداً أو كبيراً جداً. وقد أهدني صديقي د. مسلم قاسم السيرنج الخاص الذي يستعمله أطباء الأسنان مما سهل علي عملية التخدير.
حدث أن انكسرت «الشفرة» الصغيرة التي في جهاز «الكيّ» وأوصيت كثيرين من المسافرين إلى لندن ليحضروا مثلها فلم يسعفني أحد إلى أن سافر أخي عبد الله إلى لندن لتحضير رسالة الدكتوراه في القانون ولأنه كان يعرف الجهاز ويعرف بقية توابعه فقد أحضر لي مجموعة كافية من تلك الشفرات الكهربائية، حدث خلال تلك الأشهر وإلى أن أتتني الشفرات لاحظت وأنا عند كهربائي السيارات أنه يستعمل جهازاً كهربائياً للحام الأسلاك الكهربائية بالحرارة العالية في نهاية سلك الجهاز، ففكرت ماذا لو أخذت مثل هذا الجهاز «وبردته» وجعلت منه حافة حادة تشبه السكين الصغيرة بطول نصف سم. لذلك اشتريت مثل ذلك «الكاوي» من صناعة ألمانية وأجريت التعديل اللازم حتى أصبح أمضى من سكين الجراح فإذا ضغطت مفتاح التشغيل تصبح «النصلة» بحرارة عالية «تقطع وتُرقئ» النزف الذي قد يحصل وبذلك فلا لزوم لتعقيم الجهاز، فالحرارة العالية لا تبقي أية جرثومة على حافة النصلة، وبذلك استطعت أن أصل إلى ما أريد.
وبكل فخر كنت أول من استعمل طريقة الختان بالكي في العالم، وجاء كثير من الجراحين ليروا ما أعمل وكذلك جاء الكثيرون من المطهرين «مختفين» بحجة طهور طفل معهم وذلك ليروا الجهاز الذي سمعوا عنه وحتى أحد المستوردين أوصى على صنع مثل هذا الجهاز «تقليدياً» للألماني وصاروا يبيعونه على أنه جهاز الطهور الكهربائي ومن «اللطيف» أن مندوب وكيل الجهاز أتى يعرضه علي أنه الجهاز الحديث للطهور دون أن يدري أنني أنا صاحب الفكرة والتطبيق العملي لذلك الجهاز.
سمع أحد الجراحين أني أقوم بإجراء الطهور بالكي – وهو كي حروري- فقام بتطبيق ذلك باستعمال الملقط الجرسي وكي مكان القطع بجهاز التخثير وحيد القطب الموجود في غرفة العمليات فما كان إلا أن أصيبت الأعضاء «بصعق» كهربائي حرقها وشوهها بشكل معيب تحتاج إلى عملية تجميل خاصة. قدم الأهل شكوى إلى نقابة الأطباء وكنت الخبير المستشار وقلت لهم إني أجريت مئات العمليات بجهازي إلا أني أتعامل بالكي الحروري فأحول الطاقة الكهربائية إلى طاقة حرارية ليس لها أية مخاطر.
وبكل فخر كنت أول طبيب في العالم يخدر لعملية الطهور بالتخدير الموضعي مع الأدرينالين وقد طبقت ذلك ابتداء من طفل في اليوم الثالث من العمر إلى طهور رجل في الخمسين من عمره دون أي نزف أو التهاب ثانوي.

الصفحات