أنت هنا

قراءة كتاب جنة الفدائيين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جنة الفدائيين

جنة الفدائيين

"جنة الفدائيين"، للكاتب السعودي محمد الراشد؛"جنة الفدائيين" هي أول عمل روائي له. أرمان...

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

فرد عليه بسخرية: «أأعطيك كل هذه النقود وآخذ أنا درهماً أو درهمين... أهذه قسمة عادلة؟ أي مجنون تظنني يا هذا» ثم رفع العصا واقترب من أرمان وهو لا يزال أعزل وأدرك أنه أصبح في موقف لا يحسد عليه.
«الخبيث سيفعل كل ما بوسعه ليؤذيني، سأحاول أن أركز حتى تسنح لي الفرصة المناسبة لانتزاع العصا منه، لا حل آخر أمامي» قال في نفسه وعيناه مثبتتان على اللص الصوفي الملثم وهو يقترب منه رويداً رويداً.
هجم عليه بالعصا موجهاً ضربة إلى رأسه استطاع أن يتفاداها ببراعة ولكن اللص قام برفسه على معدته رفسة جعلته يرتد وراءه ويركع ممسكاً بطنه، فكانت هجمته الأولى مجرد خدعة ماكرة استخدمها لتشتيت انتباهه عن الثانية.
«أهذا كل ما لديك»؟ قال له أرمان وهو يقاوم الألم.
«أظن أنك فتى شجاع، ولكن شجاعتك لن تنفعك أمام من يفوقك قوةً وعقلاً».
«لم لا ترمي عصاك وتواجهني كالرجال» قال له وهو يجول بنظره حول المكان لعله يجد عصاً أو أي شيء يستطيع أن يدافع به عن نفسه في هذا النزال غير المتكافئ ولم يجد شيئاً يفي بالغرض لسوء حظه «ااااه لو أنني أحضرت خنجري اليوم» غمغم بمرارة.
«لن أدعه يخدعني ثانيةً، ركز يا أرمان، ركز» فكر في نفسه بينما اللص يقترب منه ليهاجمه مرة أخرى. وما لبث أن قفز برشاقة في الهواء ووجه له ضربة بقدمه تفاداها أرمان بأعجوبة، ثم هبط على قدمٍ واحدة والتف بسرعةٍ عجيبة مسدداً له ضربةً بالعصا على ساقه جعلته يطير في الهواء ويسقط على قفاه.
«الوغد، خدعني ثانية» ونهض بصعوبة ومالبث أن انهار جاثياً على ركبتيه من شدة الألم في ساقه اليمنى.
«هل اكتفيت أم أزيد؟».
لم يجبه أرمان وإنما ظل يئن وأحس بأن عظم ساقه قد رض.
«ما بك؟ هل ستركع وتتوسل لأعطيك قرشاً أو قرشين من المال الذي أخذته منك بجدارة واستحقاق؟».
نظر إليه نظرة ثاقبة حاقدة وقال بصوتٍ ملؤه الغضب: «أنا لا أركع إلا لله يا شبيه النساء» وتفل بين قدميه بصاقاً أحمر، فابتسم اللص بخبث وقال: «تقبل الله». واستدار مدبراً.
«هل ستهرب الآن يا مخنث؟ ، هل ستأخذ المال هكذا وتلوذ بالفرار يا لقيط، هيا إذاً، افعلها واهرب يا ابن الزنى». التفت إليه وقد احمرت عيناه من الغضب، فركض ناحية أرمان الذي لا يزال جاثياً على ركبتيه، ثم رفع العصا وهوى بها على كتفه.
«نجحت الخطة» قال في نفسه وهو ممسك بالعصا التي كادت تقصم عظم كتفه، فأمسك بها بكل ماتبقى لديه من قوة غير مبالٍ بقطع الشوك التي انغرزت في يديه وأدمتهما. حاول اللص سحبها مرة أخرى ولكن أرمان، لم يكن يبدي أي نية لإفلاتها، ليس بعد الألم الفظيع الذي تحمله.
حرر إحدى يديه بسرعة خاطفة ولكمه على خصيتيه مرتين متتاليتين حتى أفلت العصا فاغراً فاه وساعلاً من شدة الألم.
«ااااااه عليك اللعنة، عليك اللعنة». قالها بينما كان يترنح نحو الجدار، فصاح به أرمان:
«هل ستهرب الآن أيها الجبان؟ هل فقدت رجولتك بهذه السرعة». ولكن اللص لم يبال بكلامه هذه المرة، التفت إليه وهو فوق حافة الجدار وفتح عنق الكيس وأخرج منه ثلاثة دنانير ذهبية وألقاها ناحيته فتفرقت على الأرضية.
«تعال إلى هنا وقاتلني، لاتهرب، تعال». ثم رمى العصا وراءه بينما لا يزال جاثياً.
هوى اللص متعمداً، من على حافة الجدار إلى الأسفل! ، فذهل أرمان مما رأى، وهرع إلى الحافة مطلاً إلى الأسفل فإذا هو ينظر إلى أحد الشوارع الصغيرة الفارغة، وبحث عن اللص الذي يجب أن يكون قد دقت عنقه ومات من دون شك أو أقله إن كان محظوظاً قد تحطمت عظامه. وعوضاً عن ذلك لم يجد له أي أثر! ، وحتى يقطع الشك باليقين قدم رأسه بحذر إلى الأمام حتى يتمكن من رؤية الجدار من تحته دون أن يعثر على شيء كذلك.
جلس متكئاً على الجدار ماداً رجليه، وظل يندب حظه التعيس متحسراً على ما فقد من المال الذي كان سيغير له مجرى حياته، يالها من خسارة فاجعة!
وظل على هذه الحال ساعة، حتى نهض أخيراً وجمع الدنانير الثلاثة وقال مسلياً نفسه:
«أقله لدي هذه، لعلّ الله يبارك لي بها، فالسمك كله لا يساوي حتى خمسة قروش... تعالي هنا إلى جيبي في الحفظ والصون».
أخذ الخشبة معه تحسباً لأي طارئٍ آخر، ونظر إلى السماء التي اكفهرت وتلبدت بالغيوم، أجفل وقال:
«يجب أن أذهب إلى السوق قبل أن تمطر!». ومسح الدم الذي خرج من فمه وأنفه بطرف كمه ورتب نفسه وأعاد ربط عمامته التي انحلت، ثم مشى إلى جدار السطح من الجهة الأخرى وهو يعرج ويطلق اللعنات وأطل إلى الأسفل فوجد أنه من الممكن الهبوط إلى الأرض من هذه الجهة، وفعل، ثم مشى إلى السوق.

الصفحات