كتاب "الربانية أبرز خصائص التربية الإسلامية"، يقول الإمام يوسف القرضاوي في مقدمته:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبرحمته تتنزل الخيرات والبركات ، وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات ، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
أنت هنا
قراءة كتاب الربانية أبرز خصائص التربية الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الربانية أبرز خصائص التربية الإسلامية
التربية ضرورية لتنهض الأمة
نحن في حاجة إلى هذه التربية ، لا يمكن أن تنهض أمتنا ، وتقوم بعبء هذه الرسالة ، التي كلفها الله بالعمل بها والعمل لها ، والدعوة إليها ، والجهاد في سبيلها ، لا يمكن أن تقوم بكل ذلك إلا زُكّيتْ ورُبِّيتْ تربية سليمة قويمة ، كما فعل إمام المربين ، ورسول رب العالمين ، محمد * ، وخير التلاميذ الذين تربَوا في المدرسة المحمدية ، وتخرَّجوا في الجامعة النبوية ، هم أصحاب رسول الله * ، الذين هم مربو الأمم ، فالله تعالى هو الذي ربَّى رسوله * ، وهو الذي أدَّبه فأحسن تأديبه ، وعلَّمه فأحسن تعليمه ، كما قال تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)(النمل:6)، وكما قال :(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ)(النجم:5).
تلاميذ المدرسة المحمدية
فربَّى الله رسوله ليُربِّي به الصحابة ، ثم ربَّى الصحابةُ الأممَ بعد ذلك ، وهذا الجيل النموذجي ، الجيل المثالي ، هو خير الأجيال ، أفضل التلاميذ ، خير القرون ، كما صح في الحديث : عن عبد الله ابن مسعود n ، قال : قال رسول الله * : =خير أمتي القرن الذين يلوني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم(2).
فهم خير الأجيال ، ويليهم في الخيرية ، الجيل الذي تربى على أيديهم وأخذ منهم ، ثم الجيل الذي بعد ذلك ، فالصحابة هم الجيل المثالي الذي تربي في المدرسة المحمدية ، فإذا أردنا التربية كما يحبها الله ورسوله ، وكما ينشدها الإسلام ، فلننظر إلى المربي محمد * ، وإلى تلاميذ هذه التربية وخريجيها ، وهم أصحاب النبي * ، الذي أثنى الله عليهم في كتابه ، في أواخر سورة الأنفال ، بـقـولـه تــعـالـى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(الأنفال:72) . (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)(الأنفال:74).
وفي سورة التوبة ، بقوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )(التوبة:100).
وفي أواخر سورة الفتح ، بقوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)(الفتح:29) .
وفي سورة الحشر ، بقوله عز وجل :(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ,وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(الحشر:8،9).
وأثنى عليهم النبي * في أحاديثه ، فهم الذين نقلوا إلينا القرآن ، ورووا لنا السُّنن ، وهم الذين نشروا الإسلام في العالم ، لولاهم ما دخلنا نحن الإسلام ، لولا الصحابة الذين حملوا المصاحـف فـي أيديـهـم ، وذهـبـوا بالإسـلام إلـى آفاق العالم ، ما عرفنا نحن الإسلام ، لولا همة عمرو بن العاص ومن معه من الصحابة ، ما عرفنا نحن المصريين الإسلام ، ولولا عقبة بن نافع من الصحابة ، ما عرفت أفريقيا الإسلام ، وهكذا ، فهؤلاء هم التلاميذ .
نحن في حاجة إلى أن نعرف التربية الإسلامية المحمدية ، والحديث عن التربية الإسلامية يطول ويطول ، فنحن في حاجة إلى أن نتحدث عن المربِّي ، ونتحدث عن المربَّى ، ونتحدث عن المربَّى له ، أي عن أهداف التربية ، ونتحدث عن المربَّى به ، أي عن وسائل التربية وأساليبها ، وعن أنواع التربية المختلفة ، وهى بضعة عشر نوعا(3)، وكل هذا حديث يطول ، وإنما أحببتُ أن أحدثكم عن أهم وأبرز خصائص التربية الإسلامية كما ينشدها هذا الدين العظيم .