أنت هنا

قراءة كتاب الأستاذ تحتمس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأستاذ تحتمس

الأستاذ تحتمس

كتاب " الأستاذ تحتمس " ، تأليف نعيم صبري ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 1

(1)

بدأ يتأهب ظلام الليل الدامس للانفراج قليلاً قبيل مطلع فجر أحد أيام شهر ديسمبر المستبدة. ارتطمت قدم سليم بائع اللبن بجسم على رصيف شارع جزيرة بدران وهو ينتفض من لسعة البرد وينوء بحمل قسطى اللبن. وضع قسطى اللبن بجواره ومال بقامته الطويلة، ليستبين ذلك الجسم الذى كاد يتعثر فيه نظرًا لضعف نظره الشديد، لم يفاجأ لمرأى الأستاذ تحتمس وهو يجلس على حافة الرصيف، متكئًا برأسه على كفه التى تستند على العود الملفوف بعناية فى كيس من القطيفة السوداء كان الأستاذ تحتمس قد تعثر فى الرصيف وهو عائد من سهرته، فجلس قليلاً يتحسس قدمه التى تؤلمه، ثم راح فى نعاسٍ متقطع من أثر الشراب، كانت رائحة الخمر تفوح منه فيعبق بها المكان. ابتسم سليم لمرأى ذلك المشهد المعتاد وتأهب لمعاناة إيقاظهِ ومحاولة إقناعه بالصعود معه إلى شقة الست مارجريت أخته. أشفق على نفسه من حمل الأستاذ تحتمس، الذى عادة ما تخونه قدماه عند الصعود معتمدًا على نفسه. يعتمد الأستاذ تحتمس على سليم، الذى يلهث من ثقله، لم يكن بدينًا بأى حال من الأحوال، لكنه كان يعتمد بجسمه على سليم وهو شبه نائم، فيجد صعوبة مضاعفة فى تحريكه من مكانه وارتقاء الدرج إلى الطابق الرابع وهو يمسك بالعود فى يده بحذر، كأوامر الأستاذ تحتمس.
وصلا بمشقة شديدة إلى مشارف الطابق الرابع عندما غمغم الأستاذ تحتمس بكلمات متداعية:
- ولد يا سليم المفتاح فى جيب البنطلون إياك أن تحدث جلبة وأنت تفتح الباب لا أريد أن يشعر أحد بنا خاصة مارجريت الزفت أبلة الناظرة فاهم يا ولد.
أجابه سليم وهو يلهث:
- ربنا يستر يا أستاذ تحتمس.
ما إن أدار المفتاح بالباب ودفعه بهدوء إلا والصالة قد اشتعلت بالأنوار، وقفت أخته مارجريت قبالته متحفزة وهى تضع كفيها لصق خاصرتيها وتهتز فى تحدٍّ قائلة بتهكم:
- ما زال الوقت مبكرًا يا أستاذ!... لماذا لم تكمل السهرة أينما كنت؟
- نظر إليها الأستاذ تحتمس بصعوبة وهو يترنح وصاح فيها:
- اخرسى ولا تتدخلى فيما لا يعنيكِ.
انفجرت هادرة وهى تتوعده:
- هذا بيت محترم وليس مأوى للسكارى. تفضل لُمّ ملابسك وارحل عن البيت فورًا.
علا صوت الأستاذ تحتمس وهو يواجه هذا التهديد قائلاً:
- أنتِ حيوانة ولا تدرين مع من تتكلمين
قاطعته قائلة فى استهانة:
- طظ عاطل وسكير ولا تساوى شيئًا.
جُنّ جنونه فصرخ فيها:
- أنا فنان يا جاهلة فنان كبير جدًّا من أنتِ يا تافهة حتى تحاسبى فنانًا كبيرًا مثلي موظفة حقيرة.
خرجت الست أم تحتمس من حجرتها وهى تسير بصعوبة من جراء البدانة وروماتيزم المفاصل. صرخت فى مارجريت غاضبة:
- اتركيه لحاله، ليس هذا وقت الكلام.
ردّت مارجريت فى إصرار:
- سيغادر البيت الآن.
أجابت الأم بتحدٍّ:
- البيت بيتي لن يتركه ما حييت.
قالت لها مارجريت بانفعال:
- غادرى البيت معه، لو أردتِ.
استيقظ نصيف أفندى زوج مارجريت وخرج إلى الصالة ليستطلع الضجيج. استوعب الموقف الذى يتكرر كثيرًا فقال لها بضيق:
- الوقت فجر وليس المجال مناسبًا للشجار الآن. ليدخل للنوم ثم نبحث الأمر فيما بعد.
ترنح الأستاذ تحتمس متجهًا إلى غرفة وهيب ابن أخته الطالب بالثانوى، والذى يشاركه غرفته وسط لعنات مارجريت ونباح لوليتا، كلبة الأستاذ تحتمس الولف، والتى يحبسونها عادة فى الحمام، حتى لا تعبث بمحتويات البيت، أو تلوث الغرف بدماء العادة الشهرية.

الصفحات