أنت هنا

قراءة كتاب من القلب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من القلب

من القلب

هذه مقالات كتبتها بمداد القلب وحاولت أن أضمنها كل مشاعر الصدق والحب والجمال، والألم والمعاناة أيضا.  وآمل أن يجد القارئ فيها متعة روحية وفائدة معنوية ويحس بما جاء فيها من صدق الكلمة، وحرارة الشعور، والله ولي الصادقين.  

 (المؤلفة)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
جمــــال الصـــــدق!
 
الصدق كلمة جميلة، وأجمل منها الشعور الذي تحدثه في النفس البشرية. فللصدق بهاؤه، وسحره وجماله. والصدق يحيي النفوس، ويطهر القلوب، ويجعل الإنسان يسمو بإنسانيته ويعيش حياته الاجتماعية على أسس ثابتة متينة. وبالصدق ترتقي الروح وتتسامى، ويرتاح الضمير ويتعالى، ويصبح الإنسان كائنا راقيا يعيش في سماء كلها طهر ونقاء وصفاء.
 
والإنسان الصادق هو الذي يتفق ظاهره مع باطنه، وقوله مع عمله، وسريرته مع أفعاله وعلانيته؛ فلا ينافق ولا يداهن، ولا يمثل ولا يتصنع، ولا يرائي ولا يتذبذب، بل يتعامل بجرأة وثبات، وثقة واطمئنان. إنه إنسان يعني ما يقول، ويقصد كل حركة صغيرة أو كبيرة تصدر عنه، لذا فتراه إذا حدّثك حدثك بصدق، وإذا كلمك كلمك بصدق، وإذا دعاك لوليمة دعاك بصدق، وإذا أسدى لك معروفاً أسداه بصدق، وإذا أحبك أحبك بصدق، وإذا قدم لك مساعدة قدمها بصدق، وإذا امتهن حرفة امتهنها بصدق. إنه يفعل ذلك لا لغاية يبتغيها أو مغنم يكسبه، بل لأن الصدق خلق من أخلاقه، وطبع من شمائله وأفعاله، لا يبتغي من ورائه جزاء ولا شكورا، أو مدحا أو تقريظا. علاوة على أن الصدق يشعره بنفسه، وقيمته وقدره، وأنه إنسان ذو بال، وعلى درجة عالية من الأخلاق والفضيلة، إذ لا يستوي عنده الذين يصدقون والذين لا يصدقون؟
 
والإنسان الصادق أيضا إنسان مخلص، ووفيَ، وأمين، يحفظ عهدك في حضرتك كما يحفظه في غيبتك، ويصون ودك في قربك كما يصونه في بعدك، ويؤدي لك الأمانات دون أن يمسها بسوء أو يصيبها بأذى، علاوة على أنَّ الإنسان الصادق لا يتوانى أن يصارحك إذا ما انزعج منك أو غضب، ولا يتردد أن يكشف لك عما في نفسه إذا اقتضى الأمر، وما كل ذلك إلا لأنّه إنسان صادق وواضح وصريح لا يخشى في الحق لومة لائم.
 
والإنسان الصادق إنسان ثابت في رأيه، واثق من نفسه، لا يتغير ولا يتبدل، ولا يجامل ولا يتملق، يتصرف في جنح الليل كما يتصرف في وضح النهار، ويتعامل معك في السر كما يتعامل في العلانية، لا يتقلب مع الأهواء، ولا يتأثر بالشائعات، ولا يتغير تحت وطأة الضغوط والإكراه، فلا تفسده المصالح، ولا تعبث به الماديات. إنه إنسان، ناضج، وجريء، وذو فكر مستقل، وقلب كبير، وشخصية متزنة، لا ترى فيها تصدعا ولا فطورا، بل تماسكاً وانسجاماً، وسحراً وجاذبيةً تأسرك إليه وتشدك بقوة.
 
والصدق خلة جميلة، وأجمل منها الشعور الذي يولده في النفس والروح. فما أجمله حينما يتجلى في كلمة صادقة تنبع من القلب لتصل القلب ، أو لمسة حانية تنضح بالشعور فيتجاوب معها الشعور، أو نظرة عميقة مليئة بالمعاني والأسرار، فتتجاوب معها الروح وتبلغ المراد.
 
ولأن الصدق فضيلة ترتقي بالإنسان وتنقله من مرتبة الدونية إلى مرتبة الإنسانية التي أرادها الله له، فقد دعا إليه موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام، ونادت به الرسالات السماوية وجميع الأديان، وأمر به "حمورابي، وكنفوشيوس، وزرادشت" وغيرهم منذ قديم الزمان، ورفع شعاره من بعدهم المصلحون والروحانيون في كل عصر وزمان ومكان.
 
وما دام للصدق كل هذا السحر وهذا الجمال، فلم لا نهتدي به ونتحلى بفضيلته! ولم لا نزين أخلاقنا بسحره وجماله! ولم لا نطهر نفوسنا بنقائه ونسعد أرواحنا ونريح ضمائرنا بصفائه وقدسيته؛ فتستقيم حياتنا، ويشيع الأمن والمحبة والإخاء بيننا، ونرسي علاقاتنا الاجتماعية على أسس ثابتة ومتينة! إذ لا يوجد أجمل من الصدق خلّة، ولا أبهى منه خلقاً، فللصدق جمال وأي جمال!
 
30/7/2006م

الصفحات