أنت هنا

قراءة كتاب من القلب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من القلب

من القلب

هذه مقالات كتبتها بمداد القلب وحاولت أن أضمنها كل مشاعر الصدق والحب والجمال، والألم والمعاناة أيضا.  وآمل أن يجد القارئ فيها متعة روحية وفائدة معنوية ويحس بما جاء فيها من صدق الكلمة، وحرارة الشعور، والله ولي الصادقين.  

 (المؤلفة)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
أشياء تحيرنا!
 
كثيرة هي الأشياء التي تحيرنا، تدهشنا، ولا نستطيع أن نجد لها سببا، أو نقف على تفسير لها. قد تمر وتنتهي ولكنها تترك أثراً في نفوسنا وتجعلنا نهبة لأفكارنا وأحاسيسنا لدرجة تجعلنا نقف أمامها حيارى متسائلين: لماذا حدث هذا وكيف حدث! ولماذا أحس بهذا الشعور وما السر! لماذا ارتحت لفلان وكأني أعرفه العمر كله! ولماذا نفرت من فلان ولا أستسيغه ووددت لو لم أصادفه في حياتي! لماذا ملأ الأول علي حسي وكياني وجعل حياتي جميلة مشرقة ملونة بأشعة الشمس ونور القمر، ولم يترك الثاني أثرا يذكر إلا نفورا وصدودا وعزوفاً!
 
هذه الأحداث غالباً ما نصادفها عندما يقع الواحد منا في مشاعر الحب والصداقة والارتياح، أو مشاعر الكره والنفور والانزعاج. فمن الناس من تراه كل يوم ولا يحرك فيك ساكنا، تتعامل معه دون أن يثير فيك أي مشاعر، يغدو ويروح أمام ناظريك وكأنه غير موجود، لا يغيب عن عينيك وكأنك لم تره! وعلى النقيض من ذلك، فمن الناس من تقابله بشكل عابر ولكنه يترك أثرا طيبا في نفسك وتصبح صورته لا تفارق عينيك، قد يحدثك بشكل متقضب ولكن تشعر كأنك سمعت منه قصص ألف ليلة وليلة، يصافحك بيده ولكنه يثير فيك مشاعر الألفة والارتياح! قد يغيب عنك سنين ولم تره ولكن عندما تراه تنبعث فيك أحاسيس المحبة والإعجاب من جديد كالطاقة الكامنة التي تحركت في نفسك فجأة لتشحنك ولا تهزك وكأنك لم تفارقه لحظة واحدة! إنك ترى نفسك لا شعوريا مأخوذا به، منجذبا إليه، مرتاحا له، متوجها بكل وجدانك وأحاسيسك إلى ما يقول ويفعل! إنه يسكن فؤادك منذ اللحظة الأولى، إنه يملأ عليك قلبك وعينك وعقلك وتشعر كأنك تعرفه منذ زمن، ثم تعود بينك وبين نفسك لتسأل: ما السر، وماذا جرى، ولماذا أشعر بهذا الشعور، وما القشة التي قسمت ظهر البعير، ولماذا لم يفقد الزمن حرارة حبه وصداقته وإعجابه؟ أم أنَّ مشاعر الحب خارجة عن حدود المنطق ولا يدركها العقل، ومشاعر الارتياح والصداقة لا يسبرها الفكر ولا تبلغها الأفهام؟
 
البعض يرجع هذه الظاهرة إلى كيميائيات الجسد حيث يقولون أن كيميائيات بعض الناس تتفاعل وتندمج بكل انسياب وانسجام فتتجاوب وتقترب، وكيميائيات البعض الآخر تتنافر وتحدث الانفجارات والضجيج فتتنافر وتبتعد. و فريق يعزوها إلى إشعاعات الروح التي تتجاذب وتتضاغد لدى رؤية فلان، وتتخلخل وتتنافر لدى رؤية الآخر. ونفر يفسرها بتوارد الأفكار التي تصل بين أرواح المحبين فتجعلهم يفكرون في الشيء نفسه في الوقت نفسه. وطائفة ترجعها إلى ما يتحلى به المحبوب من امتيازات تجعل الطرف الآخر ينظر إليه بنظرة الإعجاب التي يفرخ تحتها كل حب وصداقة وإقبال.
 
لحد الآن، لا يستطيع أحد أن يجزم أو يعرف السر الذي يكمن وراء هذا الشعور، ولا يستطيع أحد أن يؤكد تفسيرا بذاته، أو تبريرا بعينه. فهناك أشياء تظل غامضة في حياتنا ونظل نجهلها ولا نعرفها، وأشياء لا يسعنا إلا أن نقف أمامها حيارى عاجزين. وحتى العلم فلم يستطع لحد الآن أن يجد لها تفسيرا مقنعا أو تعليلا شافيا، ولهذا فلا أفضل من الرجوع إلى قوله تعالى في محكم آياته: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وإلى قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلّم: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف" .
 
نشر في: 9/9/2004 م

الصفحات