أنت هنا

قراءة كتاب نزهة في رياض الأدب والأدباء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نزهة في رياض الأدب والأدباء

نزهة في رياض الأدب والأدباء

منذ أن وقعت في حب الأدب في الثمانينيات من القرن الفائت، وأنا أقرأ وأطالع لكبار الأدباء والكتاب المعاصرين كهواية متجذرة في روحي ونفسي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
فكرة
 
وقفـــة مــع الأدب المهجـــري
 
أ. د. أفنان نظير دروزه
 
ظل الأدب المهجري موضوعا أدبيا يستهويني منذ أن وقعت في حبه قبل ثلاثة عقود من الزمن عندما كنت أطالع كتب الأديب ميخائيل نعيمة، والتي دفعتني فيما بعد أن أقرأ لجبران، وأمين الريحاني، وإليا أبو ماضي وغيرهم من أدباء المهجر وشعرائه.
 
ولعل السبب في انجذابي لهذا النوع من الأدب، وقوفي على حقيقة ما أحسَ به أدباؤه وشعراؤه وهم يعيشون في بلاد الغربة، وما اعتمل في نفوسهم من لوعة وحنين، وما عصف في عقولهم من أفكار وتأملات، وما اختلج في جوانحهم من تردد وصراع بين الحنين إلى ربوع الوطن وأهله ومسارح ذكرياته والتمسك بثقافته وأدبه، وبين جمال الحياة العصرية المتقدمة التي يعبق جوها بعبير الحرية والانطلاق والتفتح العقلي والنفسي الذي يفتق المواهب، ويفجر الطاقات، ويدفع بالإنسان إلى العمل المخلص الخلاق، والإنتاج الأصيل دون قيد أو شرط، أو مراقبة أو حدود. وكيف لا أشعر بشعورهم وقد مررت بخبرات تشبه خبراتهم عندما كنت أدرس في أمريكا التي احتضنت أحدى ولاياتها نيويورك في أحد أحيائها الأديب المهجري جبران خليل جبران، عميد الرابطة القلمية في أمريكا الشمالية، فعرفت عندها معنى الغربة كما عرفوا، واصطليت بنار الحنين للوطن كما اصطلوا، وتقلبت على نار الشوق للأهل والخلان كما تقلبوا، وتأثرت بالثقافة الغربية التي تقدس العمل وتحترم الإنسان، وتثني على الصدق وتحث على التفاني والإخلاص، وتقدر الفن وتقدس الموسيقى والجمال كما تأثروا. ولعل الطبيعة الجميلة الخلابة بغاباتها الخضراء اليانعة ومطرها الموسمي المنعش، وثلجها الرومانسي المقترن بأعياد الميلاد وزينتها وزخرفها، ولعل جوها الديمقراطي الذي يحترم حرية التعبير وحقوق الإنسان، ويفرض هيبة القانون وسيادة النظام وغيرها من عوامل الراحة النفسية، هي التي أوحت ما أوحت إلى أدباء المهجر أن يبتكروا أدبا عربيا صادقا جميلا ثوريا متجددا يعبر عن النفس البشرية ومكنوناتها، ويصور الحياة وأحداثها بكل ما فيها من فرح وترح، وألم ومعاناة، وكد وجد، مما جعله أدبا جميلا صادقا بعيدا عن التكسب أو الذم والمدح لذوي الجاه والسلطان، أدبا يجمع في معاطفه حضارة الغرب وجمال حريته وتطوره، وإشعاع الشرق ونسمات صحرائه وبساطته.
 
ولإن امتاز أدب المهجر في الشمال ممثلا بالرابطة القلمية وكل من أسسها وشايعها أمثال جبران، وعبد المسيح حداد، وميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، ورشيد أيوب، وندرة حداد، ووليم كاتسفليس، وأمين الريحاني، وإليا أبو ماضي، ونعمه أيوب، وغيرهم من أصحابها وكتابها، ولإن امتاز بالتجديد في الفكر والأسلوب، واتصف بالرومانسية والابتعاد عن التقليد كما عبر عن ذلك ميخائيل نعيمة في كلمته التي سجلها في قانون الرابطة قائلا: " إن هذه الروح الجديدة التي ترى الخروج بآدابنا عن دور الجمود والتقليد، إلى دور الابتكار والتجديد، في جميل الأساليب والمعاني، حريَة في نظرنا بكل تنشيط ومؤازرة، فهي أمل اليوم وركن الغد"، ويضيف قائلا، إن الأدب من وجهة نظر الرابطة هو الذي يستمد غذاءه من تربة الحياة ونورها وهوائها، والأديب هو الذي خص برقة الحس ودقة الفكر وبمقدرة البيان عما تحدثه الحياة في نفسه من التأثير ..." فإن أدب المهجر في الجنوب ممثلا "بالعصبة الأندلسية" في سان باولو في البرازيل، وكل من أسسها وشايعها من أمثال ميشيل معلوف، ورشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) وشقيقه قيصر الخوري، وفوزي المعلوف، ورياض المعلوف، وجورج المعلوف، وإلياس فرحات، وحبيب مسعود، وداوود شكور، ونظير زيتون، ويوسف البعيني، وشكر الله الجر، وتوفيق ضعون، ونعمه قازان وغيرهم، فإن أدب المهجر في الجنوب امتاز بالمحافظة على اللغة العربية الفصحى، والتقيد بأحكامها، والابتعاد عن التطرف الذي اتسمت به الرابطة القلمية كما يقول البعض أمثال إلياس فرحات، هذا وقد امتاز أدب الجنوب بتمسكه بالديباجة المصقولة والعبارة الجميلة والجرس القوي والعروض التي افتقر إليها أدباء الرابطة.

الصفحات