أنت هنا

قراءة كتاب إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر

إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر

كتاب " إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر " ، تأليف د. عبد العزيز قائد المسعودي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 1

نـهج المـقدمـة

لا أخفي على القارئ حيرتي بل ودهشتي من إتساع رقعة مباحث دراستي ، التي شرعت في جمع مادتها العلمية خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي لإنجاز مشروع أطروحة الدكتوراة حول القوى السياسية والإجتماعية لحركة المعارضة اليمنية . وكان الإكتشاف مصادفة لتلك الصلة العضوية بين موضوع الدراسة التاريخية المتعمقة في أحداث ووقائع الثورة الدستورية في صنعاء اليمن (عام 1367هـ/ 1948م) ، وفكر الزيدية الذي يضع مبدأ الخروج في مقدمة أهدافه السياسية وبرامجه الإصلاحية . فضلاً عن أصول الدين الخمسة : العدل ، التوحيد ، الوعد والوعيد ، المنزلة بين المنزلتين ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، التي تربط الفكر بالواقع ، بل وتربط الدين بالدولة المستخلفة في الأرض. تحت هذا العنوان: إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر ، تنضوي معظم المقالات التاريخية والأدبية التي أطلقنا عليها مجازاً مسمى قراءة في القراءات السبع لتراث معتزلة العراق .

نأمل أن يساعدنا هذا العنوان الرئيس بفروعه الجانبية المتشعبة على استنباط بعض الظواهر السياسية والثقافية وثيقة الصلة بفكر الزيدية والمعتزلة . عسى ولعلى أن يمنحنا هذا النهج فرصة البحث مجدداً في بواعث النهضة الزيدية الأولى في عهد الإمام زيد بن علي رضي الله عنه، وملابسات دعوته وخروجه من المدينة إلى الكوفة في العراق الأوسط ، ثم سقوطه شهيداً في محراب الإمامة . وهو العصر الذي يعتبر الجذر التاريخي الذي تفرعت منه مختلف التجارب الزيدية الثلاث ، وبوجه خاص تجربة الإمام يحيى بن الحسين الرسي ، الذي انجز على يديه مشروع الدعوة والدولة خلال الربع الأخير من القرن الثالث الهجري. الأمر الذي يستوجب منا إستيعاب مجريات النهضات الثلاث التي مرت بها المؤسسة الإمامية وخصائص كل مرحلة ، بالقياس لعلاقتها المتوترة مع عددٍ من الفقهاء المجتهدين . وهي ظاهرة ثقافية جديرة بالرصد تعود بنا إلى عهد المؤرخ الحسن بن أحمد الهمداني ، كمؤسس وممثل لتيار القحطانية المناهض للمد والنفوذ العدناني في جنوب شبه الجزيرة العربية.

من هذه الزاوية، يمكن أن نتطرق إلى إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر، لكونه يشكل المدخل النظري لفهم أزمة نظام الحكم في البلاد . وهي من وجهة نظرنا أزمة سياسية وثقافية بالدرجة الأولى لها مسببات وعلل . وعلة العلل تكمن في تلك النظرية القائلة "أن نظام الإمامة انتهى بنهاية قواه الإجتماعية." (1) مثل هذا الطرح ، يشكل مادة إعلامية ممتازة يروج أصحابها لمشروع دولة القبيلة ، الذي تحاول رموزه السياسية والثقافية اليوم تدجين المجتمع اليمني، وتحويله "إلى مجرد مشاهدين (Audience)، أو مجرد ماضغين للقات" (2)، فاقدي الوعي والإرادة تجاه العبثية السياسية والإقتصادية ، وتجاه سرقة المال العام والإنتقاص من السيادة الوطنية .

بهذا المعنى ، ليست فلسفة التاريخ سوى تعبير آخر عن جدلية الإتصال بتاريخ الفكر ، وبالتالي الإنفصال عن أدب الفكر . ولكون الدراسة تفترض أن ثمة إستمرارية تاريخية للدعوة الزيدية ، فقد تطلب هذا إبراز مختلف الأدوار السياسية والفكرية لفقهاء السلطة وفقهاء المعارضة على حدٍ سواء . وبهذا الإتساع في الإهتمام ، اعترضت مسار دراستنا بعض المشاكل الماثلة للعيان بين سطور القراءات السبع لتراث معتزلة اليمن ، التي أضحت موضوعاتها مادة إعلامية خصبة لتصفية حسابات قديمة بين تياري القحطانية(3) والعدنانية(4). فكل قراءة في هذا الفكر الإسلامي المشاكس ، تنطوي بطبيعة الحال على مضمر ذاتي ومضمر موضوعي ، بما تجسده من كنايات أدبية وتورية فقهيه . فالمضمر الثقافي والسياسي لدى بعض الكتاب ، يتمثل في إختزال كلمة "قراءة" ، مثلاً في مقابل صيغة الجمع "قراءات" ، بهدف إثبات صحة أحكام قراءته وبطلان غيرها كونها نصوص منسوخة. وفي أشد الأحوال تطرفاً، يحاول بعضهم إلزام غيره التقيد حرفياً بترسيمة قراءة سلطة المعرفة وإملاءاتها السياسية المناهضة لمذهب أهل العدل التوحيد.

تبقى إشكالية تحديد عنوان الدراسة بحاجة إلى توضيح ما ، مثلاً ماهية الأسباب الموضوعية الكامنة وراء إختيارنا نماذج ثلاثة مجسدة لمذهب أهل العدل والتوحيد ، موضع تساؤل وإعتراض لدى بعض القراء المتخصصين دون إلزام أنفسنا ترسيمة قراءة محددة بعينها. ونظراً لشحة المصادر الأولية (المخطوطات) ، اعتمدنا بدرجة رئيسة على المصادر الثانوية، لكننا لم نعتمد كلية على آراءها الجاهزة . لذلك كان لزاماً علينا تمحيص مباحثها ومناقشتها ، ثم نترك للقارئ فرصة التأمل لكي لا يفقد المتعة الفكرية المتوخاة . فالنظرية الزيدية الهادوية من أساسها لا تعدو كونها نصوص إجتهادية صاغها عالم مجتهد ، كان يعتقد بصحة شرطية البطنين وبطلان نظرية الأئمة من قريش ، "وهي حجة واهية لا تستطيع تسويغ هذا الحصر للإمامة." (5)

الصفحات