أنت هنا

قراءة كتاب يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول

يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول

"يوميّات شفق الزّغلول"  نصّ طويل يعيد نسج الكينونة الفلسطينيّة المتمزّقة بفعل الحدود وألعاب السّياسة والجغرافيا، بالإضافة إلى محاولته تأريخ هذه الكينونة بكلّ ثقلها المادّيّ والرّمزيّ بأسلوب استعاريّ لا يُلغي البُعد التّسجيليّ الوظيفيّ.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
قلت له: ما يجري لكم.. يجري لنا..
 
تواعدنا أنّ الإبداع سيخفّف من وطأة ما يجري.. أحقًّا سيكون كذلك!؟
 
لم أتلقَّ أيّة إجابةٍ على تساؤلي.. سوى صورٍ إضافيّة ومشاهد دموعٍ وخراب..
 
في اليوم الثّاني عشر: تتحدّث امرأة ترتدي ملابس الحرب مع أخرى وتقول: مجانين هم هناك في الضّفّة.. ألا يدرونَ أنّ أسلحتنا كثيرة وممتدّة.. فليبقوا صامتين في هدنة..
 
ثمّ نسمع عن طفلٍ يولدُ.. يحملُ حجرَ مقاومة وينادي "سأبقى وعائلتي.. سنبقى على أرضنا".
 
اليوم الثّالث عشر من دمار الإنسانيّة.. هو يومٌ يرافقه سكوت وإعلان مخزٍ.. تستمرّ أداة الحرب بلا هوادة لتقصف صديقةَ عزيزٍ عليَّ.. هي صحافيّة عاشقة للموسيقى.. تموت وتغدو رقمًا آخر في سجلّ إحصائيّات لا متناهٍ للآن.
 
ولا أسمع في مكاني القابع في البلدة القديمة إلاّ أصوات طائرات تُقلِع لإكمال المهمّات.. وتقتلع معها كلّ الورد وأحلام صغار تتفتّح..
 
تمضي سبعة أيّام، ويكون اليوم هو اليوم العشرون.. تصحو "قانا" دون نومٍ، كما في عام 1996، تودّع أطفالها وقَتْلاها الثّلاثة والسّتين..
 
أقف هنا بعد المجزرة هناك، وتتلاشى كلُّ المَشاهِدِ إلاّها مشاهِد أنقاضٍ ولا انفضاض دموع طفلةٍ قالت: "قُتِل إخواني وأخواتي ووالداي.. وأبناء وبنات عمّي.. لم يعد لي أحد هنا..".. واستصراخ والدٍ تنتحب عيناه، ذنبه أو خلاصُه أنّه ذهب من أجل أن يقوت أولاده وزوجته، رجع ليقف قرب حجارة متناثرة، كانت قبل ساعات بيت أسرته، تمرّغت حجارته بأحمر أجساد امرأته وصغاره.
 
وتتحرّق الأمُّ الّتي نبشت التّرابَ بيديها لتنقذ زوجها الكسيح، وتخلّص رجليه من حقد القصف المهتاج.. ومن تحت الرّدم يطلُّ صوت طفلتها: "أمّي أنا هنا.."، تتنازع الأمّ حيرةٌ قاتلةٌ فلا أملَ في أن تنقِذَها: "يا روحي، ستكونين هناك في العلا.. سلّمي على "ستْنا زينب".. رُوحي مع كلّ الصّغار المتراكمةِ أجسادهم فوقَك.. كلّكم ستكونون معًا"..
 
هنا نبكي.. يبكي صديقي ويقول: "أرى أطفالي الصّغار الآن وهم نائمون.. هل سيأتي يوم يحمل مجزرة أخرى لهم؟!
 
يصرخُ النّاس والقادة نيام.. وتأتي السّماء حبلى بصوت مظفّر النّوّاب: "قِمم قِمَم.. مِعزة على غنَم"..
 
ويتهافتُ أبناءُ الحَرْبِ لإطعام القطط والكلابِ الّتي لم تتّسع لها الملاجئ.. ويذرفون دموعهم عليها.. فتتشكّل فروعٌ أخرى للرّفق بالحيوان!.. ويتأوّهُ صغيرٌ يطالِبُ امرأةَ السُّلْطةِ بأن تفتّشَ عن كلبه الضّائع.. وتقول أخرى "لم أتصوّر أن يكونَ الوضعُ بهذا السّوء"..

الصفحات