أنت هنا

قراءة كتاب علم الأسلوب - مدخل ومبادئ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم الأسلوب - مدخل ومبادئ

علم الأسلوب - مدخل ومبادئ

كتاب " علم الأسلوب - مدخل ومبادئ " ، تأليف د. شكري عياد ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 1

الكتاب الأول :مدخل إلى علم الأسلوب

مقدمة الطبعة الأولى

الكلام عن الأسلوب قديم. أما "علم الأسلوب" فحديث جدًّا. ولكنني إذ أقدم إليك - عزيزي القارئ - هذا الكتاب لا أغريك ببضاعة جديدة مستوردة، فعلم الأسلوب ذو نسب عريق عندنا، لأن أصوله ترجع إلى علوم البلاغة، وثقافتنا العربية تزدهي بتراث غني في علوم البلاغة. ومؤلِّف الكتاب الذي بين يديك قد مارس تدريس البلاغة زهاء ربع قرن قبل أن يقترح على قسم اللغة العربية في جامعة الرياض إدخال مادة "علم الأسلوب" في مناهجه، وقد بدأ تدريس علم الأسلوب منذ سبع سنوات أو ثمانٍ، وأحسب أن جامعة الرياض كانت أول جامعة عربية تُدخل هذه المادة في مناهجها، أو على الأقل إحدى الأوائل. ولكن علم الأسلوب، كما يدرَّس في هذه الجامعة، لا يزال وثيق الصلة بعلوم البلاغة.

والواقع أن هذا الكتاب لا يصدر عن رغبة في الحداثة أو التحديث، فضلًا عن أن يحاول فتنة الناس ببدعة جديدة من بدع الثقافة الغربية، ولكنه يحاول أن ينشئ في ثقافتنا العربية علمًا جديدًا مستمدًّا من تراثها اللغوي والأدبي، ومستجيبًا لواقع التطور في هذا التراث الحي، ومستفيدًا من دراسات أهل الغرب بالقدر الذي يمكِّن من رؤية التطور المعاصر رؤية تاريخية، وقراَءة التاريخ قراءة عصرية.

والخصم الذي يحاول هذا الكتاب تدميره ليس بلاغتنا القديمة العظيمة، ولكنه الفوضى البلاغية ـ بل اللغوية ـ التي شاعت بيننا في السنوات الأخيرة، ولا سيما بين أدباء الشباب. فهؤلاء عازمون ـ كما يبدو ـ على تحطيم كل بلاغة مأثورة، ولكنهم عاجزون ـ في الوقت نفسه ـ عن أن يُحِلّوا محلها بلاغة جديدة. وهذا الكتاب يود أن يقول لهم إن تجديد اللغة على المستوى الفنّي ليس أمرًا هينًا، وإن وراء كل عمل أدبي جيد جهدًا هائلًا في الصياغة اللغوية، جهدًا يعتمد على الثقافة والفكر كما يعتمد على الشعور، ويخلق تكويناته الجديدة من خلال التكوينات القديمة وبواسطتها. ويطمع هذا الكتاب أن يقنعهم بأن الجرأة في التجديد الفنّي تتطلب معرفة عميقة باللغة. بهذا وحده يمكن للجديد أن ينافس القديم، وأن يدخل معه في رحاب التراث الذي يتسع لكليهما.

ولكن هذا الكتاب لم يكتب للأدباء الشباب وحدهم، بل كتب لكل مَن يهتم بالأدب ولو بعض الاهتمام، وما كان ليظهر على هذه الصورة لولا دروس "علم الأسلوب" في جامعة الرياض، وهي دروس حضرها طلاب يحضّرون لدرجتهم الجامعية الأولى في تخصصات متعددة. وأقول إنهم "حضروها" لئلا أقول إنها أُلقيت عليهم، فالواقع أنهم شاركوا فيها مشاركة فاعلة، وكان لملاحظاتهم على النصوص التي كنا نتناولها أثر طيب في القسم التطبيقي من هذا الكتاب على الخصوص. وقد أيقنت ـ بعد تجارب هذه السنوات السبع أو الثماني ـ أن الإحساس الصادق بقيمة النص الأدبي، وجمال اللغة الأدبية، كامن في كل إنسان وأن اختلفت درجاته، وأيقنت أن تجلية هذا الإحساس وتنميته ترفعان من إنسانية الإنسان، وأن افتقادهما خسارة لا يمكن أن يعوِّضها شيء.

على أن الغرضين يلتقيان في آخر المطاف. فليس ثمة حاجز بين قارئ الأدب ومُنشِئه، ولا سيما حين نتحدث عن الشباب. إن معظم الشبان يحاولون ـ ولو مرات معدودة في حياتهم ـ كتابة نوعٍ ما من أنواع الأدب، كما يهتمون بقراءة بعض ما يقع في أيديهم منه. والقارئ الجيد يمكن أن يصبح منشئًا جيدًا. والقارئ الرديء لا يكون إلا منشئًا رديئًا وإذا انحطت قيمة الإنتاج الأدبي انحطت قيمة القراءة. وإذا تعلم قُرّاء الأدب كيف يقرؤون، فلا بد لكتّابه أن يتعلموا كيف يكتبون، أو يكفوا عن الكتابة.

* * *

الصفحات