أنت هنا

قراءة كتاب نهاية السيد واي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نهاية السيد واي

نهاية السيد واي

كتاب " نهاية السيد واي " ، تأليف سكارلت توماس ترجمه إلى العربية إيمان حرزالله ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 9

يغضب الرجل، ويقذف بالمصوّر خارج منزله، ويفكّر بأنّه لا بدّ من وجود تفسير آخر، لكنّه فقط لا يستطيع التوصُّل له، ثم يصل في النهاية إلى أنّ زائره قد يكون على حقّ، فيبحث عن بطاقة عمله ويقرّر زيارته في الحال. حين تقوده الخادمة داخل منزل المصوّر يجد شيئًا غريبًا للغاية، كان المصوّر يقف في حجرة الاستقبال ممسكًا بآلة داجوروتايب، لكنّه ليس هو حقيقةً بل نسخة منه بلا حياة.

«أتعلمين ما أحبّه في قصّة الداجوروتايب؟». قال بيرلوم.

«ماذا؟».

«النهاية غير المحدّدة، أنّ الرجل لا يجد الحلّ أبدًا».

حتّى تلك اللّحظة لم يكن بالقاعة المرسومة موسيقى، فقط ضجيج الأصوات والضحكات وأصداؤها في أرجاء القاعة الفسيحة، وعلى ما يبدو أنّ أحدهم تذكّر أنّه يجب تشغيل موسيقى ما، فأخذت النغمات الثقيلة لديكسيت دومينوز(19) هاندل(20) تتسارع في جوّ القاعة يليها المقطع الأول للكورس يتدافع بعضه فوق بعضٍ: ديكسيت دومينوز... دومينو ميو... سيدي... آ ... ديكستري... مي [قال الربّ لربِّ اجلس في يدي اليمنى حت].

«إذن»، قال بيرلوم رافعًا صوته فوق صوت الموسيقى، «هل كلّ وقتك لتلك المجلّة؟».

«لا. أكتب مقالة شهرية فقط».

«أهذا كلّ ما تقومين به؟».

«حاليًا. نعم».

«وهل يكفيكِ للعيش».

«بالكاد. المجلّة تسير على نحو جيّد، وبمقدوري دفع إيجار الشقة وثمن القليل من أكياس العدس كلّ شهر. وبالطبع، بعض الكتب أيضًا».

بدأت المجلّة خطواتها الأولى برئاسة تحرير تلك المرأة التي قابلتها في الجامعة، وحظيت الآن بصفقة توزيع مجانًا في جميع محلّات الموسيقى الكبرى في البلاد. مع قدر لا بأس به من الإعلانات ومشرف فني لا يستخدم الصمغ للصق الطبقات أثناء الجمع.

«وماذا درستِ في الجامعة؟ ليس العلوم على ما أظنّ» .

«لا. أدب وفلسفة إنجليزيّان. لكنّني أفكّر بجدِّية في العودة مجدّدًا لدراسة العلوم. الفيزياء النظرية على الأرجح». وشرحت له كيف أودّ فهم أمور مثل النسبية، وقطّة شرودينجر، وكيف أرغب في محاولة استعادة الأثير العجوز الغالي. أظنّ أنّني كنت ثملة قليلًا فهرفت لفترة عن الأثير الكوني. كان لدى بيرلوم بعض علم به ـ تكشّف أنّه المشرف على الدراسات العليا في آداب وعلوم القرن التاسع عشر بالجامعة ـ ومع ذلك ظللت أهذي عن روعة أنّه لأزمنة طويلة ظلّ الناس لا يفهمون كيف يمكن للضوء أن ينتقل عبر الفراغ، بينما لا يمكن للصوت (يمكنك أن ترى الجرس في الفراغ لكن لا يمكنك سماع دقّاته). كانوا في القرن التاسع عشر يعتقدون أنّ الضوء ينتقل عبر شيء لا مرئي هو الأثير الكوني. وفي 1887 عزم ألبرت مايكلسون وإدوارد مورلي على إثبات وجود الأثير، لكنّهما اضطرا في النهاية للإقرار بعدم وجوده. وبالطبع لم أتذكّر وأنا أحكي لبيرلوم تاريخ التجربة أو اسميّ العالِمَين، لكن تذكّرت وصف مايكلسون لموضوع تجربته الضائع حين قال «الأثير العجوز الغالي، المهجور الآن، مع أنّني ما زلت بصفة شخصيّة أتشبّث به قليلًا». تحمّست قليلًا وأنا أتحدّث عن مدى شاعرية الفيزياء النظرية، وكذلك عن هوسي بالمؤسّسات خاصّة تلك التي بها مكتبات كبيرة.

حينها قاطعني بيرلوم قائلًا: «لا تفعلي هذا. ضاجعي الفيزياء النظرية، تعالي أعدّي رسالة دكتوراه عندي. أظنّ أنّك لم تُعدّي الدكتوراه بالفعل؟».

كانت طريقته في قولها. ضاجعي الفيزياء النظرية.

«عن ماذا أعدّها؟». قلت.

«ماذا يثير اهتمامك؟».

ضحكت. «كلّ شيء؟» ورفعت كتفي. «أظنّ أنّ هذه هي مشكلتي. أرغب في معرفة كلّ شيء». لا بدّ أنّي كنت ثملة لأعترف بهذا. على الأقلّ لم أتمادَ في القول وأقرّ أنّ بوُدّي أن أعرف كلّ شيء ليزيد احتمال عثوري على شيءٍ ما أؤمن به.

«هيّا»، قال بيرلوم. «ما هو شيؤك؟»

«شيئي؟».

ارتشف جرعة نبيذ وأضاف: «نعم».

«لا أظنّ أنّي أعرفه حتّى الآن. هذا هو الهدف من عمود المجلّة. التداعي الحرّ، فأنا جيّدة في هذا».

«أي أنكِ بدأتِ بالانفجار العظيم، وشققت طريقك عبر العلوم حتّى وصلتِ للوماس. لا بدّ أنّ هناك حلقة وصل في كلّ ما كتبتِ عنه».

رشفت من نبيذي. «أفكار لوماس عن البعد الرابع ممتعة بشكل خاصّ. أعني أنّه لم يقم باستباق نظرية خيطية بالتحديد، بل...».

«ما النظرية الخيطية؟».

رفعت كتفي. «لا تسألني، لهذا أريد أن أدرس الفيزياء النظرية، على الأقلّ هذا ما أظنّه».

الصفحات