أنت هنا

قراءة كتاب الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

كتاب " الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط " ، تأليف د. أحمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 1

الـمـقــدمـة

منذ أن انتهت الحرب العالمية الثانية، بدأت تركيا تبحث عن دور لها في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد التهديدات السوفيتية لها والمتعلقة بتعديل ميثاق مونترو لعام 1936 والمطالبة بقارص واردهان، وإقامة قواعد عسكرية على البحر المتوسط. إذ أن السوفيت في هذه المرحلة خرجوا منتصرين من الحرب، بعد أن سيطروا على جل مناطق أوربا الشرقية، وبالتالي فرض النظام الماركس على دولها، مما شكل تهديداً للأمن الثقافي الأوربي. في خضم هذه التطورات بدءوا بالضغط على تركيا لتحقيق المطالب السالفة الذكر، في الوقت الذي قاموا أيضاً بدعم الحزب الشيوعي اليوناني من أجل سيطرته على الحكم، وقد دفعت هذه الأمور قيام الولايات المتحدة إلى إعلان مبدأ ترومان من 12 آذار 1947 والخاص بتقديم المساعدات لكل من تركيا واليونان بعد أن تنازلت بريطانيا عن التزاماتها للدفاع عنهما في شرقي البحر الأبيض المتوسط. فضلاً عن ذلك وبموجب مبدأ ترومان تم إبرام اتفاقيات ثنائية بين تركيا والولايات المتحدة.

والحق، لم يستطع القادة الأتراك الوقوف وحدهم في الصراع مع السوفيت نظراً للظروف الاقتصادية والعسكرية لتركيا وقتئذ. وعلى هذا الأساس بدأت تركيا تبحث عن قوة كبيرة تصون أمنها الخارجي، ووجدت هذا الضمان في الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة بصورة خاصة.

ونتيجة لذلك، حاولت تركيا منذ أيلول 1948 وخلال الخطوات التمهيدية لتأسيس حلف شمال الأطلسي إبداء رغبتها في الانضمام للحلف المذكور. ولتنفيذ رغبتها هذه، قامت تركيا بإرسال 4500 مقاتل لخدمة قوات الأمم المتحدة في كوريا كي تبرهن مدى انصياعها لميثاق الأمم المتحدة والعالم الغربي. وأكثر من هذا، فقد أصبحت تركيا جزءً من منظمة قيادة الشرق الأوسط التي نشأت في مستهل عام 1950، ونتيجة لذلك، فقد جعلت الأقطار الغربية من تركيا خير وسيلة للتغلغل في أقطار الشرق الأوسط، بحجة ردع أطماع السوفيت في هذه المنطقة.

إن الغاية الرئيسة من الإستراتيجية التركية إزاء الغرب، كانت تتمثل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ولكن كانت هناك معوقات أمامها، جاءت أساساً من بريطانيا التي رفضت الاقتراح التركي، لأنها كانت تنوي تأسيس منظمة الدفاع من الشرق الأوسط، إذ أنها أرادت ضم دول الكومنولث والأقطار العربية وبصورة خاصة مصر إلى هذه المنظمة، وكانت بريطانيا تخشى من توسيع قيادة S.H.A.P.E. في عمق القارة الأسيوية، ولهذا السبب فإنها أخذت تفضل خطة الربط الإستراتيجي لليونان وتركيا بالشرق الأوسط أكثر منه بأوربا الغربية، وزيادة على ذلك أنه في حالة انضمام كل من تركيا واليونان إلى حلف شمال الأطلسي فسوف يؤدي ذلك في نهاية الأمر إلى وضع بريطانيا في الشرق الأوسط تحت القيادة الأمريكية.

ونتيجة لذلك اقترح المارشال مونتغمري إيجاد قيادتين هما:-

1. معاهدة الدفاع عن الشرق الأوسط التي تضم تركيا واليونان ومصر وسوريا والأردن والعراق وربما الباكستان والكيان الصهيوني.

2. تشكيل قيادة مستقلة عن معاهدة الدفاع عن الشرق الأوسط التي تضم القوات الجوية والبحرية ويرأسها أدميرال، إذ يكون مسؤولاً أمام الوحدة العسكرية الدائمة في واشنطن.

ونتيجة للجهود الدبلوماسية التي قامت بها تركيا، والأوضاع السياسية غير المستقرة في الشرق الأوسط في عام 1951 والأزمة الإيرانية، هذه العوامل الثلاث قد ساعدت كثيراً على تخلي بريطانيا عن موقفها السابق إزاء تركيا واليونان، فقد أعلن مورسون أن حكومته تساند انضمام اليونان وتركيا إلى حلف شمال الأطلسي، مؤكداً في الوقت نفسه على دور تركيا في إيجاد ترتيبات نظام الأمن في الشرق الأوسط.

وقد وافق مجلس حلف شمال الأطلسي في 21 أيلول عام 1951 انضمام تركيا واليونان إلى الحلف، وفي 18 شباط عام 1952 نفذ البروتوكول الخاص بانضمام تركيا إلى الحلف. وبانضمام تركيا إلى الحلف المذكور يكون قد امتد دفاع الغرب إلى حدود إيران، وسد الفراغ في الجناح الشرقي لحوض البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك بحر الأدرياتيك والحق، إن في انضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسي، ولدورها الفاعل في حلف بغداد منذ تأسيسه في عام 1955 عظيم الأثر في جعل تركيا تبدأ بممارسة الوظيفة الإقليمية في الشرق الأوسط نيابة عن الولايات المتحدة والأقطار الغربية، وقد تركزت هذه الوظيفة في الأمور الآتية:

1. أصبحت تركيا عنصراً فاعلاً في مبدأ ايزنهاور الذي تم إعلانه في كانون الثاني 1957، إذ بدأت تهدد الأمن القومي السوري من خلال مناورات حلف شمال الأطلسي، وكان هذا التهديد العامل الرئيس في إقامة الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا في عام 1958.

2. أبرمت تركيا بموجب معاهدة حلف شمال الأطلسي اتفاقيات ثنائية، تم بموجبها إيجاد قواعد عسكرية في الأراضي التركية، إذ كانت هذه القواعد بمثابة تهديد لأمن الشرق الأوسط، وقد تمثل ذلك في استخدام هذه القواعد في الولايات المتحدة في عام 1958 لحماية حكم كميل شمعون والتدخل في لبنان عام 1982.

3. بدأت الولايات المتحدة تولي اهتمامها بتركيا على الرغم من ظهور مفهوم الوفاق، وقد برز هذا الاهتمام منذ غزو القوات السوفيتية أفغانستان في عام 1979، من خلال حث الولايات المتحدة تركيا على الانظمام إلى قوات الانتشار السريع.

وقد طرأت تغييرات جذرية على السياسة الخارجية التركية نحو منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1963، إذ أختبر الأتراك حلفائهم الغربيين في هذه الحقبة التاريخية من الأزمة القبرصية، فضلاً عن الأسباب الاقتصادية التي شهدتها تركيا نتيجة لارتفاع أسعار النفط والتوازن التركي للمدفوعات الذي كان سبباً قويا لذهاب تركيا إلى المدين مما دفعت تركيا إلى أن تدخل في علاقات قوية مع الأقطار العربية.

وهذا يعني، أن الوظيفة الإقليمية التي قامت بها تركيا إزاء الشرق الأوسط لمدة غير قصيرة، طرأت عليها بعض التغييرات، نتيجة إدراك صانعي القرار في السياسة الخارجية التركية أنه بتوطيد أواصر الصداقة مع الأقطار العربية خدمة لمصالح تركيا القومية.

ولمعالجة هذا الموضوع، فقد تناولناه في فصل تمهيدي تضمن نبذة تاريخية عن العلاقات العربية التركية، مع خمسة فصول وهي:-

الفصل الأول: الموقف التركي من نشوء الكيان الصهيوني.

الفصل الثاني: تركيا وسياسة التحالفات الإقليمية في الشرق الأوسط.

الفصل الثالث: قضية قبرص وتأثيرها على العلاقات العربية التركية.

الفصل الرابع: متغيرات السياسة الخارجية التركية.

الفصل الخامس: أثر المياه في التقارب العربي التركي.

ولإنجاز هذه الدراسة الحيوية، ومعالجتها معالجة أكاديمية، اعتمدنا على مراجع تاريخية مهمة، فضلاً عن مصادر حديثة ومعاصرة باللغات العربية والتركية والإنكليزية على الرغم من ندرتها، مع اتباع المنهج التاريخي والقانوني والتحليلي، للتوصل إلى نتائج إيجابية وواقعية من أجل وضع الخطوط العامة لدراسة السياسة الخارجية التركية إزاء الشرق الأوسط والمنطقة العربية. ومن الله التوفيق.

الصفحات