ماذا يحصل جسديّا عند ظهور هذه النوبات؟

 

لنتفق مبدئيا أن كل إنسان مختلف عن الأخر فما أشعر به قد لا تشعر أنت به، وما يحصل معي من نتائج قد لا تحصل معك. والأمر الثاني الذي سنتفق عليه وأنا متأكد أننا سنتفق عليه أنه لا داعي لاستخدام الدراما. بمعنى أن كل إنسان لديه مشاكل وكل إنسان يعتقد أن مشكلته هي أكبر مشكلة في العالم، وأنَّ العالم لا يملك هذه الحجم من المشاكل ولكن كل ما أطلبه منك أن تجلس مع حالات مماثلة لتجد أن مشكلتك أو الآثار التي تعانيها من نوبات الهلع هي أخف من الآثار التي يعاني منها إنسان آخر. " اللي يشوف مصيبة غيره بتهون عليه مصيبته".

 

لقد تعرفت على بعض الحالات التي جعلتني أشعر بالخجل بأن أتحدث لهم عن حالتي.

 

في يوم من الأيام داهمتني نوبة هلع فذهبت فورا إلى الطوارئ وعند وصولي إلى مدخل المستشفى وقبل أن أطلب المساعدة كان هناك طفل يرقد على السرير وجميع الأطباء حوله، الطفل يبكي بأعلى صوته، والده يتمتم وكأنه يدعو الله لمساعدته ووالدته كانت شبه منهارة. السرير مملوء بالدماء، وإذ بطبيب يأتي من بعيد وعلى ما يبدو أنّه طبيب مختص، طلب من الممرضين الكشف عنه، وعندما كشفوا الغطاء عن جسده، ظهر أن الطفل كما بدا لي أن شيئاً ما سقط على قدمه مما أدى إلى قطع جزء كبير منها، لا يمكن أن أصف لكم ما رأيت فالمشهد مرعب، ما رأيته هو بقايا لقدم الطفل، إصبع قدم هناك، بقايا عظام متهشمة في المكان الآخر، دماء، وفجأة التفت الطبيب لي وسألني عن حالتي.

 

هل تدري ماذا فعلت؟

 

لم أجب الطبيب ورحلت على الفور.

 

هل وصلت الفكرة؟ انظر إلى مشاكل غيرك وستجد أنّك ستخجل أن تتحدث عن مشكلتك، بل ستحمد الله على أنّك تعاني من هذه المشكلة فقط.

 

إذا ماذا يحصل داخل أجسادنا؟

 

إن ما يحصل للجسد هي عملية معقدة فمادة الأدرينالين يستخدمها الجسم بشكل تلقائي وسريع أي أننا لا نتحكم بإفرازها. هذه المادة مسئولة عن عدة أمور أهمها إرسال إشارات سريعة جدا تأمر القلب فورا بأن يزيد كمية الدم للجسم فيبدأ القلب بضخ كميات كبيرة للجسم وخصوصا للقدمين. ولكن لماذا؟

 

لنفرض مثلا أنَّك دخلت إلى منزلك في المساء ولا أحد في المنزل، وفجأة شعرت أن هناك شخصاً ما يقف في زاوية الغرفة... ماذا لو كان يحمل سكينا؟ أو مسدسا؟ ماذا لو شعرت بأن هذا الشخص يريد أن يهجم عليك؟ أمر مخيف أليس كذلك؟